ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلّا من حذر الله اليوم وخافه ، وباع نافذا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، ألا ترون أنكم في أسباب (١) الهالكين وستصير من بعدكم للباقين ، وكذلك حتى تردّوا إلى خير الوارثين ، ثم إنكم تشيّعون كل يوم غاديا ورائحا إلى الله عزوجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في شق ضريح (٢) ، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسّد ، قد فارق الأحباب ، وباشر التراب ووجه للحساب ، مرتهنا بما عمل غنيا عما ترك ، فقيرا إلى ما قدّم ، فاتقوا الله قبل موافاته وحلول الموت بكم ، أم والله إنّي لأقول هذا وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي ، فاستغفروا الله ، وما منكم من أحد يبلغنا يسمع ما عندنا إلّا حرصنا أن نسد من حاجته ما استطعتم ، وما منكم من أحد يبلغنا حاجة لا يسع له ما عند نا إلّا تمنيت أن يبدأني وبخاصتي حتى يكون عيشنا وعيشه عيشا ، أم والله لو أردت غير هذا من غضارة عيش لكان اللسان به ذلولا ، وكنت بأسبابه عالما ولكن سبق من الله كتاب ناطق ، وسنة عادلة ، دل فيها على طاعته ، ونهى فيها عن معصيته ، ثم رفع طرف ردائه فبكى ، وأبكى من حوله.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسن بن محمّد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد (٣) قال : في الطبقة الرابعة من أهل المدينة :
عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله بن عبد ويكنى أبا محمّد من القارّة ، وهو إلى الهون بن خزيمة ، بقي إلى خلافة جعفر.
أخبرنا أبو الغنائم الكوفي ـ إجازة ـ ثم حدثنا أبو الفضل السلامي ، أنا أبو الفضل الباقلاني ، وأبو الحسين الأصبهاني ، قال : [وأبو الغنائم واللفظ له ، قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني ـ زاد الباقلاني وأبو الحسن الأصبهاني قالا :](٤) أنا أبو بكر الشيرازي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو عبد الله البخاري ، قال (٥) :
__________________
(١) كذا بالأصل وم وفي سيرة ابن عبد الحكم ص ٤٤ والبداية والنهاية بتحقيقنا ٩ / ٢٢٤ «أسلاب» وانظر الأغاني ٩ / ٢٦٦ وصفة الصفوة ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٢) في م والمعرفة والتاريخ : صدع.
(٣) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وأضيف لتقويم السند عن م ، والسند معروف ، وقد مرّ كثيرا.
(٥) التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ١ / ٣٤٦.