في إعداد الثورات ورسم خطط المقاومة الشعبية مضحين في سبيل الدفاع عن الوطن بأموالهم وأنفسهم فمنهم من صودرت أملاكه ، ومنهم من عذب ، ومنهم من استشهد ، وقد كان لهذه التضحيات أكبر أثر في بعث روح المقاومة في الشعب الذي نهض ليواجه قوات الاحتلال في شجاعة نادرة المثال.
إعلان الجهاد :
اضطرب المماليك حين وصلهم نبأ احتلال نابليون للأسكندرية في صفر ١٢١٣ ه (١٧٩٨ م) ، وعقدوا اجتماعا للتشاور في الأمر ودعوا العلماء لحضوره ـ وكانوا قادة الرأي العام إذ ذاك ـ فحضر منهم السيد عمر مكرم نقيب الأشراف ، والشيخ السادات ، والشيخ الشرقاوي ، والشيخ سليمان الفيومي ، والشيخ الصاوي ، والشيخ المهدي ، والشيخ العربي ، والشيخ محمد الجوهري. وجرت أثناء الاجتماع مناقشة حادة بين العلماء والأمراء حتى قام الشيخ السادات ووجه الكلام إلى الأمراء قائلا «إن كل هذا من سوء مقالكم وظلمكم. وآخر أمرنا معكم أنكم ملكتمونا للأفرنج» ثم نظر إلى مراد بك قائلا له : «وخصوصا بأفعالك وتعديك أنت وأمراؤك على متاجرهم وأخذ بضائعهم». وأخيرا اتفق المجتمعون على إخطار الدولة العثمانية بالأمر وتجهيز العساكر للحرب.
من هذا الاجتماع نستطيع أن ندرك لأول وهلة موقف الأزهر بالنسبة للفرنسيين ، فهو موقف المقاومة المسلحة ؛ كما أن العلماء بصفتهم وكلاء عن الشعب وضعوا قاعدة دستورية هامة ، وهي محاسبة الحكام على تفريطهم في حقوق الشعب (١).
ولما وصل نابليون إلى إمبابة أعلن السيد عمر مكرم والعلماء الجهاد
__________________
(١) مجلة الأزهر ـ من مقال لاحمد عز الدين خلف الله.