واستنفروا الشعب ودعوا إلى التطوع العام ، وسار السيد عمر مكرم في مقدمة المتطوعين للقتال ، وقام بعرض شعبي في شوارع القاهرة استجاب له جميع الأهالي ، ولكن إذا كان العلماء قد نجحوا في تعبئة الشعب إلا أن تخاذل المماليك أسرع بالبلاد نحو الخاتمة المنتظرة.
بين الأزهر ونابليون :
استفز الفرنسيون المصريين بفرض الضرائب الثقيلة والقتل ومصادرة الأملاك والاعتداءات المتوالية ، مما عجل بقيام ثورة القاهرة الأولى في (جمادى الأول سنة ١٢١٣ أكتوبر سنة ١٧٩٨). فقام العلماء وعلى رأسهم الشيخ السادات يدعون إلى الجهاد ضد الفرنسيين ، وانتخبوا مجلسا للثورة كي ينظم حركات المقاومة ويمونها بالأسلحة والذخائر ، وفي ذلك يقول نابليون في مذكراته : «إن الشعب قد انتخب ديوانا للثورة ، ونظم المتطوعين للقتال ، واستخرج الأسلحة المخبوءة. وأن الشيخ السادات انتخب رئيسا لهذا الديوان». وذكر في تقريره إلى حكومة الدير كتوار أن لجنة الثورة كانت تنعقد في الأزهر.
انتشر رجال الأزهر في القاهرة يبثون الثورة في النفوس ويدعون الشعب إلى الجهاد ويعاهدونه على المقاومة ، بينما كان مجلس الثورة يوزع الأسلحة على أحياء العاصمة ، حتى اقترب الوعد فعقد المجلس اجتماعا ليلة الأحد (١٠ جمادى الأولى ١٢١٣ ـ ٢١ أكتوبر سنة ١٧٩٨) لرسم خطة العمل في صبيحة ذلك اليوم.
يقول الكولونيل ديتروا في يومياته وصفا للثورة كما شهدها : في الساعة السادسة صباحا من يوم ٢١ أكتوبر احتشدت الجموع في كثير من أحياء القاهرة وكان المؤذنون يدعون إلى الجهاد على المآذن ، وكان المعسكر العام للثائرين الجامع الكبير المسمى بالأزهر ذلك المسجد الجميل الذي