وأرى المساجلة ستضطرني إلى ذكر بعض ما شارك به الأزهر في المسائل التي تهم الأمة في شخص أحد أبنائه كاتب هذه السطور ، ولو لا موضع الحجة لما استبحت أن أنطق بكلمة ، وإني أذكرها مع الخجل والاستحياء :
١ ـ رأيت الأسر المصرية كما قلت في حينها سنة ١٩٢٢ بمدرجة السيول ، ومهب الرياح ، تقوضها الريح إذا هبت ويذهب بها السيل إذا جرى ، يبيع الرجل أو يشتري فيقسم على سلعته بالطلاق كذبا لترويج سلعته فإذا امرأته طالق ـ يغضب الرجل والغضب غول يغتال العقل فيطلق زوجته ثم يبقى نادما على بيت هدمه وأبناء شتتهم ـ يطلق الرجل امرأته ثلاثا في لفظ واحد فتبين منه ، ويندم ولات ساعة مندم.
رأيت ذلك فنظرت في الشريعة الإسلامية وأقوال الماضين فرأيت الرسول يقول : لا طلاق في إغلاق ـ أي غضب ـ وإذا من الأئمة من يرى أن يمين الطلاق التي الغرض منها الحث على شيء أو النهي عنه لا تقع طلاقا وإذا القرآن يوجب أن تطلق المرأة لعدتها طلقة واحدة وأن تبقى في بيت الزوجية ، فإذا بلغت الأجل فأما أن يعاشرها بالمعروف أو يفارقها بالمعروف ، وعلل ذلك بقوله ـ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ـ فيعطف قلبه بعد نفور ، فجعل الله له سعة في مراجعة ما كان منه ، وكان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث طلقة واحدة فأمضاه عليهم عمر فكتبت ذلك كله في مقال ونشرته بإمضاء ـ م. ع فثارت ثائرة بعض المحافظين وردوا على ذلك ، ولكنها كانت حجرا ألقي في الماء الراقد فنبهت الأذهان وفعلت فعلها حتى صدر قانون المحاكم الشرعية بعد ذلك مطابقا لكل ما اقترحته .. فإن كان ذلك قد خفظ الأسرة المصرية من التداعي والانهيار وحفظ الأبناء من الشتات والضياع ، فعند الله احتسب ما صنعت وأدخر ما قدمت.