وكذلك كان القرن الثامن أيضا ظرفا للتواصل الأزهري الزيتوني في مجال العلوم العقلية والأدب فكانت شهرة آل السبكي ، بمصر ، حاملة أهل العلوم على الرغبة في الاتصال بهم ، والأخذ عنهم كما ترى ذلك في رحلة خالد البلوي ، وكانت شهرة ابن خلدون في تونس والمغرب ، ثم رحلته إلى مصر ، وتصدره للاقراء بالجامع الأزهر (١) مهيأة لأخذ أعلام الأزهر عنه مثل ابن حجر والمقريزي والأقفهسي ، وزائدة في ذيوع شهرته ؛ وشهرة الزيتونة ، وعلمائها بالمشرق.
وجاء القرن التاسع بأعلامه الذين علا بهم مجد الأزهر فكان للزيتونيين تطلع إليهم ، واتصال بهم ، فظهر الحافظ ابن حجر ، الذي أخذ عن ابن عرفة وابن خلدون ، فشدت إليه الرحلة من المشرق والمغرب وكان مدرس الأزهر وخطيبه. وقد اتصل به من التونسيين الزيتونيين وأخذ عنه : أبو عبد الله التريكي (٢) وأبو الحسن القلصادي (٣) الأندلسي الأصل ، والكفيف ابن مرزوق (٤) وهو كأبيه ابن مرزوق الحفيد ، زيتوني بالطلب وظهر الجلال المحلي ، والسراج البلقيني وغيرهما من الذين حفل بدروسهم وتآليفهم وإسنادهم القرن التاسع ، فكان رجوع كثير من الزيتونيين إليهم ، وأخذهم عنهم ملاقيا بينهم وبين أعلام الزيتونة من أهل أواخر القرن الثامن وأوائل التاسع. فقد أخذ الحفيد ابن مرزوق عن الجلال المحلي (٥) وجمع بينه وبين ابن عرفة وأخذ القاضي ابن فرحون المدني ، وهو تونسي الأصل (٦) عن ابن عرفة في حجته (٧) كما أخذ عن السراج البلقيني ، واعتمده في مواضع
__________________
(١) ترجمته في الضوء اللامع للسخاوي رقم ٣٨٦ ص ١٤٥ ج ٤ ط القدسي.
(٢) ترجمته في نيل الابتهاج ص ٣٢٣ ط السعادة وشجرة النور ٩٥٣.
(٣) نيل الابتهاج ص ٢٠٩.
(٤) نيل الابتهاج.
(٥) نيل الابتهاج.
(٦) وفيات ابن قنفذ.
(٧) نيل الابتهاج ٣١.