وكذلك شاعت الرواية بأسانيد أعلام المحدثين بالأزهر في ذلك القرن : مثل أسانيد الشيخ الطولوني يروى بها الشيخ محمد زيتونة ، وأسانيد الشيخ الشبراوي يروى بها السيد أحمد الشريف (١) والشيخ علي النوري (٢).
وكان للعلامة التونسي محمد زيتونة رحلتان إلى مصر سنة ١١١٤ ه وسنة ١١٢٤ ه خلفا صدى بعيدا وأثرا حميدا ، في توثيق الصلات بين علماء الأزهر وعلماء الزيتونة ، بما عرف أهل الأزهر وعلماء الأسكندرية من فضله وعلمه ، وما أظهر في دروسه ومجالسه ، مما نال ثناءهم ، وجلب اعتناءهم لا سيما درسه في تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء ليلة المعراج في رجب من سنة ١١١٤ ه بجامع تربانة بالأسكندرية ، الدرس الذي نوه بذكره حسين خوجه في ذيل كتابه بشائر أهل الإيمان (٣) وكان ممن أخذ عن الشيخ زيتونة من علماء مصر المحدث الشيخ أحمد الصباغ الأسكندري ، صاحب الثبت المشهور.
وكثيرا ما تصدت رحاب الأزهر بطلب الفتوى ، في حوادث تنزل بالبلاد التونسية ، أو قضايا يدق محل النظر فيها ، كما وقع سنة ١٠٤٦ ه في إمارة يوسف داي ، أن وجه سؤال إلى علماء الأزهر في قضية حال تتعلق بتوريث زوجة شهد بطلاقها بعد موت الزوج ، وكتب في (المسألة) رسالة الشيخ عمر بن علي الفكروني الأزهري ، وهو تونسي الأصل ، من مدينة سوسة ، وكان قاضيا مالكيا بمصر شيخا لرواق المغاربة بالأزهر ـ ومن تلاميذ الشيخ سالم السنهوري.
واتصلت سلاسل الرواية ، والملاقاة ، وتلقى الدروس ، كامل القرن
__________________
(١) فهرس الفهارس ج ٢ ص ٧٩ ط فاس.
(٢) شجرة النور ١٢٢٥.
(٣) ص ١٣٤ ط تونس.