الدسوقي ، ويستندون إليه في فتاويهم وتحاريرهم ، كما هو ثابت في الوثائق ومنقول في الأخبار وكان للطباعة في القرن الثالث عشر ، ولا سيما في النصف الأخير منه ، أثر في سرعة ايصال الكتب وبسط شهرتها فعرفت كتب الشيخ الخضري ، والشيخ علي الصعيدي ، والشيخ الباجوري ، والشيخ العطار ، وشاعت في مناهج الدراسة الزيتونية فقوي بذلك تشابه المناهج بين الزيتونة والأزهر ، حتى لم يبق فرق يذكر ، لا في المناهج ، ولا في صورة التكوين العلمي للخريجين. ففي الربع الأخير من القرن الماضي كان شيخ الإسلام سالم أبو حاجب (١) يدرس الأشموني بجامع الزيتونة ، درسا اشتهر وشدت له الرحال ، وكان يتتبع حاشية الصبان. ويكثر البحث فيها ويكتب بحوثه وتقريراته ، أو يكتبها طلبته ، وكان الشيخ الأنباني ، في تلك الأيام نفسها ، يدرس الأشموني بالجامع الأزهر ، ويكتب على حاشية الصبان وكان بعض الطلبة يتردد بين الدرسين : مثل الشيخ مصطفى بن خليل ، فكانت المباحث التي تثار في أحد الدرسين يبلغ صداها إلى الآخر حتى أنه لما طبعت تقريراته الشيخ الإنبابي على الصبان ، قضى الشيخ سالم العجب من توارد الخواطر ، حتى عدل عن طبع تقريراته ، إذ أصبح غالبها مستغنى عنه بما طبع من تقريرات شيخ الإسلام المصري ، سمعت ذلك من كثير من أساتذتنا تلاميذ الشيخ سالم ، كما سمعت منه شيئا يرجع إلى هذا المعنى في أسلوب حديثه الفكه وهو في العقد العاشر من حياته رحمه الله وانتهى القرن الثالث عشر بما كان من الروابط موصولا بين الأزهر والزيتونة في ذات الفقيه الكبير الشيخ محمد عليش ، الذي أخذ عن الشيخ محمود مقديش (٢) وروى عن الشيخ محمد بن ملوكة (٣) وعنه أخذ كثير من الزيتونيين منهم الشيخ مصطفى بن خليل وكثيرا ما كانت تعرض المسائل عن الحوادث
__________________
(١) شجرة النور ١٦٨٩.
(٢) شجرة النور ١٥٤٤.
(٣) شجرة النور ١٥٥٩.