والأحكام على الشيخ محمد عليش لأخذ فتواه فيها.
وقد كان من أجل الراجلين من الزيتونة إلى الأزهر في القرن الثالث عشر : الشيخ مصطفى بن خليل فقد كان أكمل تحصيله بالزيتونة وسمى عدلا بتونس ، ثم سافر إلى مصر ، فقرأ بالأزهر على الشيخ إبراهيم السقاء ، والشيخ عليش ، والشيخ الإنبابي ، وأجازة الشيخ أحمد بن عبد الرحيم الطهطاوي. ويوجد نص إجازته له بخطه في دار الكتب المصرية ، ثم رجع الشيخ مصطفى إلى تونس في أواخر القرن الثالث عشر ، وسمي مدرسا من الطبقة العليا بجامع الزيتونة ، وعلت منزلته ، وأخذ عنه وتخرج به كثير من علماء النصف الأول من القرن الحاضر.
وإنه ليكفي لإظهار الامتزاج الذي اكتمل في القرن الماضي بين الأزهر والزيتونة الرجوع إلى قوانين التعليم في المعهدين ، حتى يتبين أن الكتب التي تدرس في مراتب التعليم الثلاث : الابتدائية والمتوسطة ، والعالية ، إنما كانت متحدة بصفة غالبة ، لا يستثنى من ذلك إلا عدد قليل جدا ، على ما جاء في الفصول ٣ ، ٤ ، ٥ ، من الأمر العالي الصادر بضبط قانون التعليم في جامع الزيتونة سنة ١٢٦٢ مع مقارنتها بما أثبته المرحوم الشيخ منصور رجب من أسماء أشهر الكتب التي تدرس بالأزهر في كتابه : «الأزهر بين الماضي والحاضر» علاوة على أن الكتب التي كانت تدرس ـ بجامع الزيتونة وضبطها قانون ١٢٩٢ وهي مائة وخمسون كتابا يوجد من بينها ستة وأربعون كتابا هي مصرية أزهرية وكذلك ارتبط القرن الحاضر بالقرن قبله ، إذ انعقدت من القرنين أسباب امتدت من السابق منهما وشدت باللاحق».
نعم «كانت العروة الوثقى لا انفصام لها» الجمعية التي أنشأها السيد جمال الدين الأفغاني ، بعد خروجه من مصر سنة ١٢٩٩ الوثاق الذي شدت به الصلات المتينة بين رجال من علماء الأزهر ، انتصبوا لقيادة حركة الإصلاح في العالم الإسلامي ، وآخرين من علماء الزيتونة ، ساروا معهم