في ذلك السبيل (١) فيهم الشيخ محمد بيرم ، والشيخ محمد السنوسي ، والشيخ أحمد الورباني ، واستمر ذلك الاتصال يملأ قرننا الحاضر حركات متحدة المصادر ، متشابهة المظاهر. بين الأزهر والزيتونة وزار الشيخ محمد عبده تونس زيارته الأولى سنة ١٣٠٢ وامتزج بعلمائها ثم عاد بعد عشرين سنة وألقى محاضرته القيمة «العلم لطرق التعليم» وكان لمجلة المنار رواج واسع في تونس وأثر قوي في إشاعة دعوة الشيخ محمد عبده الإصلاحية. ولا نريد أن ندخل في صلة هذه الحركة بالأزهر : وما كان بين المنار والأزهر ، مما كتب فيه صاحب المنار كتابا خاصا. ولكننا نكتفي بأمرين هامين يتضح بهما ما كان لهذه الحركة من انتساب متين إلى الأزهر ؛ يجعل انتشار دعوتها بتونس داخلا في موضوعنا أولهما أن قوام مجلة المنار ، وأعظم مادتها ، إنما كان ما تنشره من تلخيص دروس الشيخ محمد عبده في تفسير القرآن العظيم ، وهي دروس أزهرية كانت تلقى في الرواق العباسي ، وثانيهما أن أهم ما تحدده المنار ، من دعوة الشيخ محمد عبده ، هي دعوته إلى إصلاح التعليم في الأزهر ، وأقصى ما تقصد إلى تحقيقه هو أن يتولى الأستاذ الإمام أمر الأزهر ، أو أن يكون مشاركا فيه مشاركة ذات نال ، فكان من هنالك منشأ الأحداث التي شطرت الأزهر شطرين : بين مناصرين لدعوة الشيخ محمد عبده ، ومعارضين لها. وكان ذلك الانقسام ساريا إلى جامع الزيتونة فنشأت فيه حركة (٢) فكرية قوية شطرت رجاله أيضا إلى شطرين بين أنصار دعوة الشيخ محمد عبده والمنار وخصومها ، وجعلت أكثر الطلبة من شيعة مفتي الديار المصرية ، ومطالبين بإصلاح التعليم الزيتوني على المبادىء التي طالب بها لإصلاح التعليم الأزهري ، وكانت حركات الطلبة في الأزهر مثالا موجها لحركات الطلبة في الزيتونة فلما أضرب الطلبة في
__________________
(١) فهرس الفهارس ص ٢٨٠ ج ١.
(٢) كتاب الحركة الفكرية والأدبية بتونس ص ٤٣ ط معهد الدراسات العربية العليا بالقاهرة سنة ١٩٥٦.