الأزهر سنة ١٣٢٧ لم يتأخر الطلبة الزيتونيون أكثر من أربعة أشهر حتى ابتدأوا المظاهرات والاضرابات ودخلت بذلك الحياة الزيتونية ، تبعا للحياة الأزهرية في طور جديد (١).
وإلى جانب هذا التواصل في الحركة الإصلاحية ، كان جانب آخر من التواصل الزيتوني الأزهري يتمثل في ما كان متمثلا فيه من قبل من البحث العلمي والدراسة لقد استمر طلبة من الزيتونة يقصدون الأزهر ، وآخرون من الأزهر يأتون الزيتونة وأصبحت الحياة النظامية في المعهدين تمهد لهؤلاء وهؤلاء سبيل الالتحاق بكل من المعهدين باعتبار ما بلغ إليه الطالب من درجة في المعهد الآخر. وإن من أشهر الأزهريين الذين آووا إلى الزيتونة فاعتبرت له دراسته الأزهرية. وسمح له بذلك الاعتبار أن يتقدم إلى امتحان «التطويع» مباشرة بدون أن يتدرج في مراحل الدراسة العلامة المرحوم ، شهيد حركة العلماء المسلمين في الجزائر الشيخ محمد العربي التبسي الذي تخرج بشهادة التطويع عقب رجوعه من الأزهر سنة ١٣٤٠.
كما استمرت آثار الدروس الأزهرية العليا محل الاعتناء والإقبال من الأساتذة الزيتونيين ، والرواية متصلة الأسانيد بينهم أيضا.
فكان لشيخ الإسلام عبد الرحمن الشربيني في حياته ، رواج عظيم لكتبه في الزيتونة حتى أن حاشيته على البناني على المحلي على جمع الجوامع كان يدرسها تدريسا شيخ شيوخ الزيتونة يومئذ أستاذنا شيخ الإسلام محمد بن يوسف فضلا عن أعلام الزيتونة من تلاميذه مثل أستاذنا المحقق الشيخ محمد الصادق القاضي ، كان ذلك والشيخ الشربيني حي ، وقد علت سمعة تلك الحاشية ، واهتم الناس بها ، وأصبحت مناط البحث والتحليل ، حتى أن اتقان تدريس المحلي كان يقاس في الزيتونة باتقان تحليل الشربيني وتأصل ذلك في مقايس دروس المناظرات التي يتقدم بها خريجو الزيتونة
__________________
(١) الحركة الفكرية ص ٩٧.