أوائل الشهور ودراسة حركة الشمس والظل لتحديد مواقيت الصلاة ، وتحديد العدة ، والقبلة .. كلها تحتم دراسة الفلك وتقسيم الزمن ، وتفتح الباب لدراسات عن الجغرافيا والهندسة والطب ، وقادت إلى اكتشاف البوصلة.
وقد تمركزت الزعامة الشعبية في العلماء ، وكان الأزهر هو مركز القيادة الشعبية ، وحلقة الوصل بين السلطة والعامة ، وقائد مقاومة الجماهير ضد استبداد السلطة وانحرافها .. وقد سلمت السلطة بهذه المكانة لشيوخ الأزهر ، والتفت الجماهير حول الشيوخ .. الذين قادوها في أكثر من معركة سجل منها تاريخ القرن الثامن عشر معارك تتعلق باستقلال الجامعة الأزهرية ، فعند ما حاول السلطان والأمراء تعيين شيخ للأزهر من المذهب الحنفي ، وهو المذهب الرسمي للدولة ، رفض الشيوخ ، لأن ذلك اعتداء على استقلال الأزهر ، والعرف المقرر فيه أن يكون شيخ الأزهر شافعيا .. وفشلت كل جهود الدولة في حماية مرشحها ومذهبها الرسمي ، وانتصرت إرادة المشايخ .. وإذا كان عمدة «أوكسفورد» قد أحرق كل وثائق الملكية الخاصة بعلماء وطلبة جامعة «أوكسفورد» عام ١٣٨١ .. فإن علماء الأزهر في ذلك التاريخ كانوا يملكون بيع سلطان مصر في المزاد العلني (حادثة العز بن عبد السلام) .. وبعد ذلك بأربعة قرون (١٧٣٥) حاول السلطان العثماني أن يعيد تنظيم الأوضاع المالية ، بما يشكل اعتداء على الحقوق المكتسبة لبعض الفئات ، وليس المشايخ منهم. فاعترض المشايخ وألغوا قرار السلطان معلنين أنه «ليس من حق السلطان تجاوز التشريعات لقائمة». وكان ذلك قبل سقوط الباستيل بنصف قرن وقبل أن يفكر عقل في لقارة الأوروبية بتحدي سلطة الملوك الإلهية.
وأخيرا قاد المشايخ ثورة فلاحين لانتزاع أول دستور مكتوب .. ١٧٩٤ .. في الوقت نفسه الذي كان العامة في فرنسا يبحثون هل دم لأمراء أزرق؟).