فعند ما جاء نابليون بأول احتلال غربي للوطن العربي .. كان الأزهر هو القلعة التي اصطدم بها ، بعد انهيار المؤسسة العسكرية (المماليك) ، وقاد الأزهر المقاومة العربية ضد الاحتلال الفرنسي ، فكانت ثورة القاهرة الأولى ، التي قادتها لجنة من مشايخ الأزهر بقيادة الشيخ السادات استطاعت أن تشكل تنظيما دقيقا يمتد من صحن الأزهر إلى أصغر قرية في الريف المصري ، وهو تنظيم عجز العالم العربي عن تكرار مثله لأكثر من قرن بعد تنحي الأزهر .. وعرف نابليون ، ممثل الثورة الفرنسية ، خصمه الحقيقي ، فصب هجومه على الأزهر ، وضرب المسجد .. الجامعة .. القيادة .. التراث .. التاريخ .. وأهم من ذلك أنه كان إمكانية المستقبل .. ضرب ذلك كله بالمدافع ، واحتله الجنود ودخلته الخيل لأول مرة في تاريخه .. معلنة هزيمة الحضارة التي يمثلها ..
وأصدر نابليون أمره بأن «يباد كل من في الجامع» ، ودخلت الجند المسجد : «وهم راكبون الخيول ، وبينهم المشاة كالوعول ، وتفرقوا بصحنه ومقصورته وربطوا خيولهم بقبلته ، وعاثوا بالأروقة والحارات ، وكسروا القناديل والسهارات ، وهشموا خزائن الطلبة والمجاورين ، والكتبة. ونهبوا ما وجدوه من المتاع ، والأواني والقصاع ، والودائع والمخبآت بالدواليب والخزانات ، ورشقوا الكتب والمصاحف وعلى الأرض طرحوها ، وبأرجلهم ونعالهعم داسوها ، وأحدثوا فيه وتغوطوا ، وبالوا وتمخطوا ، وشربوا الشراب ، وكسروا آوانيه ، وألقوها بصحنه ونواحيه ، وكل من صادفوه به عروه ومن ثيابه أخرجوه».
وأعدم نابليون ثمانين شيخا من قيادة الثورة ..
صحيح أن عدوان نابليون على الأزهر ، قضى على كل آماله في الشرق ، ولكنه أيضا كشف للأمة العربية أنها عزلاء ، لا تستطيع حماية قيادتها ، ومقدساتها ..