وتطلع بعض علمائه في أواخر القرن التاسع عشر إلى معرفة بعض اللغات الغربية لدراسة أصول حضارة الغرب الحديثة الفكرية والثقافية ، وللرد على ما يثيره بعض الغربيين حول الإسلام من شبهات ، وكان في مقدمة هؤلاء الإمام محمد عبده ، الذي كان أكبر رائد أزهري للفكر المصري في العصر الحديث.
ولقد نهض شيوخ الأزهر منذ أواخر القرن التاسع عشر بعبء إصلاح البيئة الثقافية داخل الأزهر ، وبعث روح التجديد والحياة في حلقات الأزهر العلمية ، لتكون على صلة بينابيع الفكر الحديثة المتدفقة.
وفي الحق أن الأزهر المحافظ المتمسك بتقاليده وشعائره ونظمه وحياته الثقافية كان أرجح كفة من عوامل التجديد ، وتيارات الجديد.
ومنذ أكثر من ربع قرن من الزمان ، أو بالتحديد في مايو سنة ١٩٢٨ تولى مشيخة الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي وهو تلميذ من تلامذة الإمام محمد عبده ، ولكنه ما لبث أن استقال منها في أكتوبر سنة ١٩٢٩ ، وخلفه الشيخ محمد الأحمدي الظواهري ، ثم عاد الشيخ المراغي إلى المشيخة في ٢٦ أبريل سنة ١٩٣٥ ، وظل فيها إلى أن توفي في ٢٢ أغسطس ١٩٤٥.
وعلى يد الشيخ الظواهري تحول الأزهر إلى جامعة علمية لها كليات ثلاث : هي الشريعة واللغة وأصول الدين ، وفيها أقسام للدراسات العليا ذات نظام علمي جامعي ، ولكن أثر ذلك لم يظهر إلا في عهد الشيخ المراغي وعلى يديه وبتشجيعه ورعايته ، فكان يشرف هو ومعاونوه من شيوخ الكليات الأزهرية على نظم هذه الدراسات ، ويشترك في امتحاناتها ومناقشات رسائلها ، ويرعى خريجي هذه الأقسام ويضعهم في منازلهم العلمية في كليات الأزهر. وبذلك صار الأزهر يخضع في حياته الثقافية الجديدة للنظم الجامعية الصحيحة.