نطفىء الأنوار منذ دخول الليل ، وتتقطع الطرق ، وتتوالى صفارات الانذار كل دقيقة ، ونسمع أزيز المدافع وأصوات القنابل في كل مكان ، وكانت طائرات العدو تتهاوى كأنها الورق أمام مدافع مصر وبسالة أبنائها. لم نكن نجد دقيقة واحدة نخلو فيها إلى أنفسنا للتفكير أو التأمل أو القراءة أو الاستمتاع بالطعام ، وكانت المعسكرات تنتظم شباب مصر وشيوخها من المتطوعين للدفاع عن وطنهم الأكبر ، وكنا نتساءل بأي حق يبيح مجرما الحرب إيدن وموليه لأنفسهما حق غزو الشعوب التي خلقها الله حرة طليقة من كل قيد ، وفشل إيدن وفشل موليه ومعهما بن غوريون ، نعم فشلوا في تحطيم الروح المعنوية في شعب مصر أو في تحطيم المقاومة الشعبية في وطني مصر. وانسحب المعتدون من بور سعيد مكرهين في الرابع والعشرين من ديسمبر عام ١٩٥٦.
أيام كلها مجد وذكريات خالدة ، كتبت فيها مصر صفحات رائعة من المجد ، والمجد لمصر ولشعبها الحر الأبي ، وللعرب الأحرار الميامين.
ـ ١٠ ـ
ومن صور نثر الخفاجي هذه القطعة وهي بعنوان «يا وطني».
يا وطني الخالد : لك المجد ولك أمجد صفحات التاريخ.
يا وطني ، يا مصر يا أم الحضارة. ومهد المدنية ، ومعلمة الشعوب ، لك العزة والثناء ، ولك الحرية والفداء ، ولك العظمة والكبرياء.
يا وطني : لقد كتبت اليوم أروع أعمال البطولة في دفاعك المجيد عن بور سعيد ، مما شهد به العالم ، وسجلته الأحداث ، لقد قاتل شعبك المجيد قتال الأبطال من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل ، فعلمت