«لقد كنت أتلقى بريد الرسالة فأجد الشرباصي في اليوم الواحد كاتبا في (المكشوف) اللبنانية و (الحديث) الحلبية و (التفيض) العراقية و (المجلة) الدمشقية»!! ... وهذه الحقيقة المائلة تنطق بنشاط حافل ، تمده الموهبة ، وينمية الإطلاع!! ..
وقد آثرت أن أستشهد بالنصوص ليعلم هذا المبتسم عن ريبة واتهام أنني لا أبارك وحدي جهود أديب طامح ، فإذا كان لا بد من الابتسام فليوجه إلى جميع من يستمعون القول فيحبون أحسنه ، ويهتفون بقائله : مرحى مرحى فقد سلكت الطريق!! ...
وإذا كان لنا أن نحكم على إنتاج الكاتب ، فإننا نلاحظ أنه من مبدأ أمره قد احتفل بالأدب العربي دراسة وتحليلا ، فقرأ وحفظ وناقش ، وأعد نفسه ليكون أستاذا في الأدب العربي وحده ، فهو غاية يهدف إليها ، ولم يدر أن الأيام ستجعل هذه الغاية وسيلة إلى هدف أسمى ومطلب أحب ، تلك هي الدعاية للإسلام ونصرة الحق الصريح! ..
لقد أكب الشرباصي على دراسة الأدب في مختلف عصوره ، فأفاد إفادة غزيرة ، ولا زالت أبحاثه الأدبية ترتفع إلى قمة عالية. وقد قرأت له سلسلة عن «الخطابة في الأندلس» بمجلة الأزهر ، فشاهدت من أصالة الرأي وبراعة الاستنتاج وطرافة النقاش ما أعجب وأمتع ؛ بل أذكر أن أحد أساتذة العراق المرموقين قد كتب مؤلفا تحت عنوان : «بعث الشعر الجاهلي» فانبرى الشرباصي لنقضه في مجلة المقتطف ، وأبدى من غزارة المادة وقوة العارضة ما جعل الدكتور المؤلف في حرج وضيق ، ولو تفرغ أحمد للأدب وحده لرأينا مجهودا حافلا تنشرح به الصدور!! ...
ولكن الأستاذ يتعرض في نقده الأدبي إلى مأزق ضيق يكابد منه تبريحا أي تبريح! ... فهو يحرص على التشجيع والتنويه ، وتدفعه المجاملة أحيانا إلى إهمال حقوق النقد الصريح ، وكثيرا ما تقرأ له بحثا أدبيا عن