الناصح المرشد من دكتور نابغة نقاد ، إذ يقول له على صفحات الرسالة (عدد ١٦ اكتوبر سنة ١٩٣٩ م) :
«أي صديقي الدكتور ، قد انتهى لغو الصيف ، وجاء جد الشتاء ، فلا تكسل ولا تنم ، على أني أرجو أن تتحاشى ما يسبق إليه قلمك من عبارات تنال من شخصية الأستاذ أحمد أمين وتجرح شعوره» فأي توجيه ذاك؟! ...
وقد كان التحاق الشرباصي بكلية اللغة العربية بالقاهرة نقطة تحول كبير في إنتاجه واتجاهه ، وكان المظنون به أن يتوسع في الدراسة الأدبية وحدها ، ولكنه وجد بالقاهرة مجالا للنشاط الإسلامي عن طريق المحاضرة والمناظرة والخطابة ، فانفرجت دائرة كفاحه إلى حيث تتسع وتمتد ، ورصد نفسه إلى خدمة الفكرة الإسلامية بالقلم واللسان!!.
وصاحب اللسان البليغ لا يرى في أسلوبه الخطابي ضرورة لقيود المقال المركز ، ومن هنا سرت عدوى اللسان إلى القلم في كتابة الشرباصي ، فقد تجد بها تفصيلا وإطنابا لا يرضيان صاحب المنطق المحدد ؛ ولكن الشرباصي يتعمد الإثارة الانفعالية في نفوس القراء ، إذ يهمه أن يجتذبهم إلى فكرته مستعملا شتى ضروب التأثير ، من منطق عقلي ، أو مهيج عاطفي ، أو حافز وجداني ؛ وإذا قرن القارىء شخصية الداعية بشخصية الكاتب في بعض مؤلفات الشرباصي فقد أراح واستراح!! ...
اقرأ مثلا كتب الرجل : ١ ـ النيل في ضوء القرآن. ٢ ـ واجب الشاب العربي. ٣ ـ أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح. ٤ ـ صلوات على الشاطىء ... فستجد المنطق العقلي سابحا في أمواج التأثير الوجداني ، ولهذه الطريقة حسناتها في استنهاض الهمم وحفز البواعث ، وإن كانت لا تسلم من نقد يؤكدة عقل منهجي محدود ..