ثم يتحدث في هذه المقدمة عن الشعر ومكانته وأثره ، وحكمة رسول الله وبلاغتها ما روي منها ، ثم يسرد بعد هذه المقدمة الطويلة ما روي من رائع الشعر في الحكمة والمثل عن كثير من الشعراء مرتبا لها على حروف المعجم في عدد ضخم من الصفحات ، وألم فيه ببعض من شعره هو ، والكتاب ذخيرة أدبية ثمينة وسنشرع في طبعه بإذن الله في أقرب فرصة ممكنة.
٥ ـ المقامة الخفاجية (أو التلبانية) المسماة بمروج الذهب ورياض الأدب لمؤلفها نافع الخفاجي التلباني وهو مقامة ساحرة الأسلوب رائعة الديباجة ذكر فيها المناظرة التي كانت بينه وبين بعض الفقهاء أمام قاضي مركز السمبلاوين الشرعي ، وصدرها بإهداء لهذا القاضي وكان صديقا حميما له ثم ترجم لنفسه فيها ترجمة وافية ثم ذكر المناظرة في بسط ومزيد تطويل وكيف انتصر على منافسيه جميعا وتجلت للناس كافة سعة ثقافته وقوة عقليته وقد ألفت بعد وفاة والده سنة ١٢٩٤ ولا ندري السنة التي ألفت فيها بالتحديد ويقول في أولها فيما يقول :
«قد كنت وأدهم الشبيبة طرب العنان ، وورقها أخضر مائس الأفنان ، أتجر في بضاعة الأدب ، فوردت سهل بحره الصافي وطالعت منه هامي العروض والقوافي ، وكنت مغرما بصيد الشوارد ، وقيد الأوابد ، واستنبات الفضائل ، واستنساخ أقوال الأمائل. ثم اتفق لي أن أشار إلى وأومأ لدى صدر المدرسين ومفيد الطالبين مولانا الشيخ محمد سيف الدين قاضي مركز السنبلاوين ، أن أشنف سمعه الثاقب ، بحلية أدب من الغرائب ، وكان كثيرا ما يجاملني بحسن المجاملة ، ويعاملني بلطف المؤانسة ، فالتمس مني كتابا في الأدب يعذب وردا ومنهلا ، قاصدا بذلك تنويه ذكرى ، فأجبته مطيعا ، ثم اتفق لي في هذا الأوان أن سألني من أمره مطاع لدى أن أملي جميع ما جرى لي بالمحكمة الشرعية الكبرى من المناظرات وما حصل لدى من المحاورات ، فتلقيت أمره بالامتثال ، وسلكت فيها طريقا لم تسلك قبلي لوارد ، وبسطت فيها نمطا لم ينسجه ناسج ، ولا نحا نحوه قاصد ، ورسمتها