ابعث مع عراك حرسيا (١) حتى ينزله دهلك (٢) وخذ من عراك حمولته ، فقال لحرسي ـ وعراك معه على السرير ـ خذ بيد عراك فابتغ من ماله راحلة ثمّ توجّه إلى دهلك حتى تقره فيها ، ففعل ذلك الحرسي ، وكان عراك يغدو بأمه إلى المسجد فيصلّي فيه الصلوات ثمّ ينصرف بها ، فما تركه الحرسي يصل إليها ، وكان أبو بكر بن حزم نفى الأحوص إلى دهلك في أمرة سليمان بن عبد الملك ، فلما ولي أرسل إلى الأحوص فأقدمه إليه فمدحه الأحوص فأكرمه. قال : فأهل دهلك يؤثرون الشعر عن الأحوص ، والفقه عن عراك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدّثني محمّد بن خلّاد الإسكندراني ، وعبد الرّحمن بن أبي الغمر ، قالا : نا ضمام بن إسماعيل أبو إسماعيل المعافري عن عقيل (٣) بن خالد الأيلي قال (٤) :
كنت بالمدينة في الحرس فلمّا صلّيت العصر إذا برجل يتخطى الناس يسأل عن عراك بن مالك حتى دلّ عليه ، فلما دنا منه لطمه حتى وقع ، وكان شيخا كبيرا ، ثم جرّه برجله ثم انطلق به حتى جعل (٥) في مركب في البحر إلى دهلك فنفي إليها وكان عمر بن عبد العزيز قد نفى الأحوص ـ رجلا كان شاعرا من الأنصار إلى دهلك فأخرجه يزيد منها ، فكان أهل دهلك يقولون : جزى الله عنا يزيد خيرا كان عمر قد نفى إلينا رجلا علّم أولادنا الباطل ، وأن يزيد أخرج إلينا رجلا علّمنا الله على يديه الخير.
أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأ محمّد بن جعفر ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أبو الفضل الزهري قال : وبلغني أن عراك بن مالك مات أيام يزيد بن عبد الملك.
أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنا أبو منصور النّهاوندي ، أنا أبو العباس النهاوندي ، أنا أبو القاسم بن الأشقر ، نا محمّد بن إسماعيل ، قال : قال غيره مات عراك بن مالك الغفاري عهد يزيد بن عبد الملك.
__________________
(١) الأصل : «حرسا» والمثبت عن م وتهذيب الكمال.
(٢) دهلك : جزيرة في بحر اليمن ، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها (انظر معجم البلدان).
(٣) في م : عبيد الله ، تصحيف.
(٤) الخبر من طريق ضمام بن إسماعيل رواه المزي في تهذيب الكمال ٢ / ٥١٦.
(٥) تهذيب الكمال : «حصل» وفي م كالأصل.