وعينان ما أوفيت نشزا فتنظرا |
|
بمأقيهما إلّا هما تكفان |
فإن قطاة علّقت بجناحها |
|
على كبدي من شدة الخفقان |
فو الله ما حدثت سرك صاحبا |
|
نصحا (١) ولا فاهت به الشفتان |
سوى أنني قد قلت يوما لصاحبي |
|
ضحىّ وقلوصانا بنا تخدّان |
ألا حبذا من حب عفراء ملتقى |
|
نعام وألا لا حيث يلتقيان |
قال : وأولها :
ألا يا غرابي دمنة الدار بيننا |
|
أبا لهجر (٢) من عفراء تنتحبان |
فإن كان حقا ما تقولان فاذهبا (٣) |
|
بلحمي إلى وكريكما فكلاني |
ولا يدرين (٤) الناس ما كان ميتتي |
|
ولا يأكلن الطير ما تذران |
فعفراء أصفى الناس عندي مودة |
|
وعفراء عني المعرض المتواني |
قال : وكان عروة بن حزام حين خرجت عفراء يلصق خده بحياض النّعم التي كانت ترد عليه إبلها ، فقيل له : مهلا لا تقتل نفسك ألا تتقي الله ، فقال (٥) :
بي اليأس والداء (٦) الهيام شربته (٧) |
|
فإياك عني لا يكن بك ما بيا |
قال : فبلغ خبره معاوية ، فقال : لو علمت بخبر هذين الشريفين لجمعت بينهما.
وقد وجدت هذه الرواية من وجه آخر ، وفيها زيادة أن عروة قال لأهله : إنّي إن نظرت إلى عفراء ذهب وجعي ، فخرجوا به حتى نزلوا البلقاء مستخفين ، فكان لا يزال يلمّ بعفراء ينظر إليها ، وكانت عند رجل سيد كثير المال والحاشية ، فبينا عروة يوما بسوق البلقاء إذ لقيه رجل من بني عذرة ، فسأله متى قدم؟ فأخبره ، فلما أمسى الرجل تعشى مع زوج عفراء ، ثم قال : متى قدم هذا الكلب عليكم الذي قد فضحكم؟ قال زوج عفراء : أنت أولى بأن تكون كلبا منه ، ما علمت على عروة إلّا خيرا ، ولا رأيت فتى في العرب أحيا منه ، ولا علمت بمقدمه ، ولو علمت لضممته إلى منزلي ، فلما أصبح غدا ، يستدل عليهم حتى جاءهم ، فقال لهم : انزلتم ولم تروا أن تعلموني منزلكم ، عليّ وعليّ إن كان منزلكم إلّا عندي ، قالوا : نعم نتحول
__________________
(١) ذيل امالي القالي ١٦٠ : أخا لي.
(٢) في الشعر والشعراء : دمنة الدار خبرا أبا لبين.
(٣) الشعر والشعراء : فانهضا.
(٤) ذيل الأمالي : ولا يعلمن ... قصتي.
(٥) البيت في الأغاني ٢٤ / ١٦١ ، والشعر والشعراء ص ٣٩٩.
(٦) الشعر والشعراء : أو داء الهيام.
(٧) الأغاني : سقيته.