إليك هذه الليلة أو من غد ، فلمّا ولّوا قال عروة : قد كان من الأمر ما ترين ، ولئن أنتن لم تخرجن معي لأركبن رأسي ، الحقوا بقومكم ، فليس بي بأس ، فقربوا ظهرهم فارتحلوا ، ونكس ولم يزل يثقل حتى نزلوا وادي القرى.
قال الراوي : فأخبرني مخبر عن عروة بن (١) الزبير قال :
مررت بوادي القرى فقيل لي : هل لك في عروة؟ [قلت : نعم](٢) فخرجت حتى جئته ، قال : فالتفتّ إلى إخوانه (٣) فقال :
من كان من أمهاتي باكيا أبدا |
|
فالآن إني أراني اليوم مقبوضا |
يسمعننيه (٤) فإني غير سامعه |
|
إذا علوت رقاب القوم معروضا |
قال : فبرزن والله يضربن وجوههن ويمزقن (٥) ثيابهن قال : وقمت فما وصلت إلى منزلي حتى لحقني رجل فخبرني أنه مات.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره ، عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ، ونقلته من خطه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين ، أنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، نا ثعلب ، نا عبد الله بن شبيب قال : أنشدنا الزبير لعروة بن حزام :
وآخر عهدي من عفيراء أنها |
|
تدير بنانا كلهن خضيب |
عشية ما تقضي لي النفس حاجة |
|
ولم أدر إذ نوديت كيف أجيب |
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، عن أبي عبد الله بن المرزبان ، قال : أخبرني إسحاق بن محمّد ، حدّثني أبو معاذ النميري ، قال :
لقي مجنون بني عامر الأحوص بن محمّد الأنصاري ، فقال له : حدّثني حديث عروة بن حزام ، قال : فجعل الأحوص يحدثه وهو يسمع حتى فرغ من حديثه ، ثم أنشأ يقول :
عجبت لعروة العذري أمسى |
|
أحاديثا لقوم بعد قوم |
وعروة مات موتا مستريحا |
|
وها أنا ذا أموت كل يوم |
__________________
(١) الأصل : «ان» والمثبت عن م.
(٢) الزيادة عن م.
(٣) في م : إخوته. وفي الشعر والشعراء ص ٣٩٨ : أخواته.
(٤) الأصل وم : يسمعنيه ، والمثبت عن الشعر والشعراء ص ٣٩٨.
(٥) في الشعر والشعراء : ويشققن جيوبهن.