حانوته في شهر رمضان سنة اثنتين (١) وثمانين ومائتين ، حدّثني أحمد بن محمّد بن غالب الباهلي ، نا علي بن حمّاد ، عن جسر بن فرقد القصّاب ، عن هشام بن عروة ، قال :
جاء عمر بن عبد العزيز من قبل أن يستخلف إلى أبي عروة بن الزّبير فقال له : رأيت البارحة عجبا ، كنت فوق سطحي مستلقيا على فراشي فسمعت جلبة في الطريق ، فأشرفت ، فظننت عسكر العسس (٢) ، فإذا الشياطين يجيئون كردوسا [كردوسا](٣) حتى اجتمعوا في جوبة (٤) خلف منزلي ، قال : ثم جاء إبليس ، فلما اجتمعوا هتف إبليس بصوت عال ، فتفازعوا فقال : من لي بعروة بن الزّبير؟ فقالت طائفة منهم : نحن ، فذهبوا ورجعوا ، وقالوا : ما قدرنا منه على شيء ، قال : فصاح الثانية أشدّ من الأولى ، فقال : من لي بعروة بن الزّبير؟ فقالت طائفة أخرى : نحن ، فذهبوا فلبثوا طويلا ثم رجعوا وقالوا : ما قدرنا منه على شيء ، فصاح الثالثة صيحة ظننت أن الأرض قد انشقت ، فتفازعوا فقال : من لي بعروة بن الزّبير؟ فقال جماعتهم نحن ، فذهبوا ثم لبثوا طويلا ثم رجعوا ، فقالوا : ما قدرنا منه على شيء ، قال : فذهب إبليس مغضبا ، واتّبعوه ، فقال عروة بن الزّبير لعمر بن عبد العزيز ، حدّثني أبي الزبير بن العوّام قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«ما من رجل يدعو بهذا الدعاء في أول ليله وأول نهاره إلّا عصمه الله من إبليس وجنوده : بسم الله ذي الشأن عظيم البرهان ، شديد السلطان ، ما شاء الله كان ، أعوذ بالله من الشيطان» [٨١٠٩].
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسين بن إسماعيل ، أنبأ أحمد بن مروان ، نا أحمد بن عبدان الأزدي ، نا محمّد بن الحسين البرجلاني ، عن عبد الله بن محمّد المدني ، عن أبيه ، عن جده قال : قال عروة بن الزّبير :
كنت جالسا في مسجد الرسول ضحوة وحدي ، إذ أتاني آت يقول : السلام عليك يا ابن الزبير ، قال : فالتفتّ يمينا وشمالا فلم أر شيئا غير أنّي رددت عليه ، واقشعرّ جلدي ، فقال : لا روع عليك ، أنا رجل من أهل الأرض من الخافية أتيتك أخبرك بشيء ، وأسألك عن شيء ، قال : ما الذي تسألني عنه ، وما الذي تخبرني به ، قال : الذي أخبرك به أنّي شهدت إبليس عليه
__________________
(١) الأصل وم : اثنين.
(٢) العسس جمع عاسّ : وهو الذي يطوف بالليل ، والذي ينفض الليل عن أهل الريبة (القاموس المحيط).
(٣) الزيادة عن م.
(٤) الجوبة : الحفرة ، والمكان الوطيء في جلد ، وفجوة ما بين البيوت (القاموس المحيط).