ويظعن أهل مكة وهي شكر |
|
هم الأخيار إن ذكر الخيار |
مجازيل العطاء إذا وهبنا |
|
وأيسار إذا جبّ القتار |
ونحن الغافرون إذا قدرنا |
|
وفينا عند غدوتنا انتصار |
ولم نبدأ بذي رحم عقوقا (١) |
|
ولم توقد لنا بالغدر نار |
وإنا والسوابح يوم جمع |
|
بأيديها وقد سطع العبار |
لنصطبرن لأمر الله حتى |
|
يبين ربنا أين الفرار |
قال معاوية : يا بن أخي ، هذه بتلك ، قال : وإنما قالت ذلك في قتل أبي أزيهر تعير به أبا سفيان بن حرب ، وكان أبو أزيهر صهر أبي سفيان ، وكان يدخل مكة في جوار أبي سفيان ، فقتله هشام بن الوليد ، فعير به حسان بن ثابت في قوله (٢) :
عدا أهل حضني ذي المجاز (٣) بسحرة |
|
وجار ابن حرب بالمغمّس (٤) لا يغدو |
كساك هشام بن الوليد ثيابه |
|
فأبل وأخلف مثلها جددا بعد |
قضى وطرا منها ، فأصبح ما جدا (٥) |
|
وأصبحت رخوا ما تخبّ وما تعدو |
فما منع العير الضروط (٦) ذماره |
|
وما منعت مخزاة والدها هند |
فلو أن أشياخا ببدر تشاهدوا |
|
لبلّ نعال (٧) القوم معتبط ورد |
قال وكانت العرب إذا غدر الرجل أوقدوا له نارا بمنى أيام الحج على الأخشب الجبل المطل على منى ، ثم صاحوا : هذه غدرة فلان ، ففعلوا ذلك بأبي سفيان في أبي أزيهر.
والسبب في مقتل أبي أزيهر ، ومن قتلت به دوس حديث موضعه غير هذا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد [بن](٨) الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزّبير أقام بمكة تسع سنين ، وعروة بن الزّبير معه (٩).
__________________
(١) صدره في شرح الحماسة للتبريزي :
لنا السلف المقدم قد علمتم
(٢) الأبيات في ديوان حسان بن ثابت ط بيروت ص ٩١.
(٣) ذو المجاز : موضع بمنى.
(٤) في الديوان : المحصب.
(٥) في الديوان : فأصبح غاديا.
(٦) أراد بالعير الضروط : أبا سفيان بن حرب.
(٧) الديوان : متون الخيل.
(٨) زيادة عن م.
(٩) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٣٢.