سلوا هذا الرجل من أين أقبل؟ [فقلت :](١) من ناحية اليمامة (٢) ونجد ، فقالت : أي بلاد نجد وطئت؟ فقلت : كلها ، فقالت : بمن نزلت هناك؟ قلت : بني عامر ، فتنفست الصعداء وقالت : بأي بني عامر؟ فقلت : بني الحريش ، فاستعبرت (٣) ثم قالت : هل سمعتم بذكر فتى يقال له قيس ، ويلقب بالمجنون؟ فقلت : أي والله ، ونزلت بأبيه ورأيته يهتم في تلك الفيافي ، ويكون مع الوحش ، لا يعقل ولا يفهم ، إلّا أن تذكر له ليلى ، فيبكي وينشد أشعارا (٤) يقولها فيها ، قالت : فرفعت الستر بيني وبينها فإذا شقة قمر ، لم تر عيني مثلها ، فبكت وانتحبت حتى ظننت والله أن قلبها انصدع ، قلت لها : أيتها المرأة اتقي الله فو الله ما قلت بأسا ، فمكثت طويلا على تلك الحال [من](٥) البكاء والنحيب ثم قالت (٦) :
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة |
|
متى رحل قيس مستقلّ فراجع |
بنفسي من لا يستقل برحله |
|
ومن هو إن لم تحفظ الله ضائع |
ثم بكت حتى غشي عليها ، فلمّا أفاقت قلت : من أنت يا أمة الله؟ قالت : أنا ليلى المسئومة عليه غير المساعدة له ، فما رأيت مثل حزنها عليه ووجدها به ، فمضيت وتركتها.
أنبأنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٧) : في تسمية عمال هارون الرشيد على سجستان مات موسى وعليها كثير بن سلّم فشغب عليه الجند ، فحاصرهم اصرم بن عبد الحميد الطائي من قبل خراسان ، ثم ولي عبد الله بن حميد بن قحطبة ، ثم ولي عثمان بن عمارة بن خريم (٨) ثم داود بن يزيد من قبل الغطريف ثم (٩) يزيد بن جرير من قبل الفضل بن يحيى بن خالد ، ثم إبراهيم بن خريم (١٠) من قبل الفضل بن يحيى.
أنبأنا أبو الحسين محمّد (١١) بن كامل بن ديسم ، قال : كتب إليّ أبو جعفر بن المسلم
__________________
(١) زيادة عن الأغاني.
(٢) الأغاني : تهامة.
(٣) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن المختصر والأغاني.
(٤) الأصل : أشعار. والتصويب عن الأغاني.
(٥) زيادة عن المختصر والأغاني.
(٦) الأصل : قال ، والمثبت عن المختصر والأغاني. والبيتان في الأغاني ٢ / ٨٧.
(٧) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٦٣.
(٨) تاريخ خليفة : حريم ، بالحاء المهملة ، تصحيف.
(٩) بالأصل : «بن» والمثبت عن تاريخ خليفة.
(١٠) كذا ، وفي تاريخ خليفة : إبراهيم بن جرير.
(١١) بالأصل : «بن محمّد» والمثبت عن مشيخة ابن عساكر ٢٠٧ / أ.