على هدية ثلاثمائة رأس في كل سنة ، ويهدي إليهم المسلمون طعاما مثل ذلك ،.
قال محمّد بن عمر : وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يخبره أنه قد ولّى عقبة بن نافع الفهري ، وأنه قد بلغ زويلة (١) وإن ما بين برقة وزويلة سلّم كلهم قد أطاع مسلمهم بالصدقة ، وأقر معاقدهم (٢) بالجزية.
وبلغ عمرو بن العاص أطرابلس (٣) ، ففتحها ، فكتب إلى عمر أن بينها وبين إفريقية تسعة أيام فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن للمسلمين في دخولها فعل ، وأن المسلمين قد اجترءوا عليهم وعلى بلادهم ، وعرفوا قتالهم ، وليس عدوّا كلّ شوكة منهم ، وإفريقية عين مال المغرب ، فيوسع الله بما فيها على المسلمين.
فكتب إليه عمر : لو فتحت إفريقية ما قامت بوال مقتصد لا جند معه ، ثم لا آمن أن يقتلوه ، فإن شحنتها بالرجال كلفت حمل مال مصر ، أو عامته إليها ، لا (٤) أدخلها جندا للمسلمين أبدا ، وسيرى الوالي بعدي رأيه.
فلما ولي عثمان أغزى الناس إفريقية ، وأمرهم أن يلحقوا بعبد الله بن سعد ، وأمر عبد الله بن سعد أن يسير بمن معه ، ومن أمده بهم عثمان بن عفان إلى إفريقية ، فخرج بالناس حتى نزل بقربها ، فصالحه بطريقها على صلح يخرجه له ، فقبل ذلك منه.
فلما ولي معاوية بن أبي سفيان وجه عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري إلى إفريقية غازيا في عشرة آلاف من المسلمين فافتتحها واختط قيروانها ، وقد كان موضعه غيضة (٥) لا ترام من السباع والحيوان وغير ذلك من الدوابّ ، فدعا الله عليها ، فلم يبق منها شيء مما كان فيها من السباع وغير ذلك إلّا خرج منها هاربا بإذن الله ، حتى إن كانت السباع وغيرها لتحمل أولادها (٦).
__________________
(١) الأصل وم : رذيلة ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».
وزويلة : بفتح أوله وكسر ثانيه ، بلد ، انظر ما ورد في معجم البلدان (٣ / ١٦٠).
(٢) في م و «ز» : معاهدهم.
(٣) يريد أطرابلس وهي مدينة في آخر أرض برقة وأول أرض إفريقيا (معجم البلدان).
(٤) الأصل : «الا» والتصويب عن م و «ز».
(٥) الغيضة : بالفتح ، الأجمة ، ومجتمع الشجر في مغيض ماء. جمعها : غياض وأغياض. (القاموس المحيط).
وفي مختصر ابن منظور : غيطة.
(٦) تاريخ الطبري ٥ / ٢٤٠ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٨٩ وسير أعلام النبلاء ٣ / ٥٣٣ مختصرا.