موسى بن عليّ بن رباح ، عن أبيه قال :
قدم عقبة بن نافع على يزيد بن معاوية بعد موت معاوية ، فردّه واليا على إفريقية سنة اثنتين وستين ، فخرج عقبة بن نافع سريعا لحنقه على أبي المهاجر حتى قدم إفريقية فأوثق أبا المهاجر في وثاق شديد ، وأساء عزله ثمّ غزا بأبي المهاجر إلى السوس الأدنى (١) ، وهو في حديد ، وهو خلف طنجة فيما بين قيلة مدينتها التي تسمى وليلة (٢) والمغرب ، وأهل السوس ، إذ ذاك ... (٣) وجول (٤) في بلادهم لا يعرض له أحد ، ولا يقاتله ، ثم انصرف راجعا إلى إفريقية ، فلما دنا من ثغرها أمن أصحابه فأذن لهم فتفرقوا عنه ، وبقي في عدة قليلة ، وأخذ تهوذة ـ وهي ثغر من ثغور إفريقية متياسرا عن طبنة (٥) ـ ثغر الزاب ـ فيما بين طينة والمشرق ، وتهوذة من مدينة قيروان إفريقية على مسيرة ثمانية أيام.
فلما انتهى عقبة بن نافع إلى تهوذة عرض له كسيلة بن يلزم الأودي (٦) في جمع كثير من البربر والروم ، وقد كان بلغه افتراق الناس عن عقبة بن نافع وقلّة من معه ، وجمع لذلك جمعا ، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل عقبة بن نافع شهيدا ـ يرحمهالله ـ وقتل من كان معه ، وقتل أبو المهاجر وهو موثق في الحديد ، واشتعلت إفريقية حربا ، ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا قونية الموضع الذي كان عقبة بن نافع اختط ، فأقام بها ومن معه وقهر من قرب منه بآب قايش وما يليه ، وجعل يبعث أصحابه في كل وجه إلى أن توفي يزيد بن معاوية ، وكانت خلافته ثلاث سنين وثلاثة أشهر (٧).
قال أبو عبد الله الصّوري : الصواب زويلة بالفتح ، وقابس.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.
__________________
(١) السوس الأدنى كورة بالمغرب ، مدينتها طنجة (انظر معجم البلدان).
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي معجم البلدان : وليلى مدينة بالمغرب قرب طنجة.
(٣) بدون إعجام بالأصل وم وصورتها : «؟؟؟ انتبه» وفي «ز» : «انتبه» وفي المختصر : أثبته.
(٤) في البيان المغرب لابن عذاري ١ / ٢٨ وجال هنالك.
(٥) بالأصل وم ، و «ز» ، والمختصر ، طينة ، بالياء ، والمثبت عن البيان المغرب ١ / ٢٨ وفي معجم البلدان : طبنة بضم أوله ثمّ السكون ونون مفتوحة : بلدة في طرف إفريقية مما يلي المغرب على ضفة الزاب.
(٦) في البيان المغرب : كسيلة بن لمزم الأوربي ، وقيل : البرنسي. وفي أسد الغابة قيدها ابن الأثير بالحروف لمرم بفتح اللام والراء وبينهما ميم ساكنة وآخره ميم.
(٧) انظر الخبر في البيان المغرب لابن عذاري ١ / ٢٧ وما بعدها ، مع تفاصيل وافية ، وانظر تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٨٩.