قال : ونا الزبير ، حدّثني عمّي مصعب بن عبد الله قال (١) :
مرّ الحزين على (٢) جعفر بن محمّد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث وعليه أطمار (٣) ، فقال له : يا ابن أبي الشعثاء أين أصبحت غاديا؟ قال : أمتع الله بك ، نزل عبد الله بن عبد الملك الحرّة (٤) يريد الحج ، وقد كنت وفدت إليه بمصر ، فأحسن إليّ ، قال : فما وجدت شيئا يلبسه غير هذه الثياب؟ قال : استعرت أهل المدينة (٥) فلم يعرني أحد منهم شيئا ، قال : فدعا جعفر غلاما له فقال : ائتني بجبة وقميص ورداء ، فجاءه بذلك ، فقال : البس أبل وأخلق (٦).
فلما ولّى الحزين قال جلساء جعفر له : ما صنعت؟ تعمد إلى هذه الثياب التي كسوته فيبيعها ويفسد ثمنها ، قال : ما أبالي إذا كافأته : بثيابه (٧) ما صنع بها مع أنه يصيب بها لدة.
فسمع الحزين قولهم وما ردّ عليهم ، ومضى حتى أتى عبد الله بن عبد الملك فأحسن إليه وكساه ، فلما أصبح الحزين أتى جعفرا ومعه القوم الذين لاموه بالأمس فأنشده :
ما زال ينمي جعفر بن محمّد |
|
إلى المجد حتى عبهلته (٨) عواذله |
وقلن له : هل من طريف وتالد |
|
من المال إلّا أنت في الحقّ باذله |
يحاولنه عن شيمة قد علمنها |
|
وفي نفسه أمر كريم يحاوله |
ثم قال : بأبي أنت وأمي ، قد سمعت ما قالوا وما رددت عليهم.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا (٩) أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أبو أحمد ، حدّثنا الزبير قال : ولطلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصّديق يقول الحزين الدّيلي (١٠) :
وإن تك يا طلح أعطيتني (١١) |
|
عذافرة تستخفّ الضّفارا |
__________________
(١) الخبر والشعر في الأغاني ١٥ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٢) بالأصل : «بن» وفي م : «بجعفر» والمثبت عن الأغاني.
(٣) الأصل : الخمار ، والمثبت عن م والمختصر والأغاني.
(٤) أقحم بعدها بالأصل : يريد الحرة.
(٥) غير مقروءة بالأصل وم وصورتها : «النسبة» والمثبت عن الأغاني.
(٦) الأصل وم واحد ، والمثبت عن الأغاني.
(٧) الأصل وم : ثيابه ، والمثبت عن الأغاني.
(٨) أي تركته وأهملته.
(٩) الأصل وم : «انبانا» تصحيف.
(١٠) الأبيات في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(١١) غير مقروءة بالأصل وم وصورتها : افقريني ، والمثبت عن نسب قريش.