أن الأعاجم كانوا يومئذ ـ يعني يوم القادسية ـ مائة ألف وعشرين ألفا ، معهم ثلاثون فيلا ، مع كل فيل أربعة آلاف (١).
فقال سعد بن أبي وقّاص [لعمرو](٢) بن معدي كرب الزّبيدي ولقيس (٣) بن مكشوح المرادي ولطلحة بن خويلد الأسدي إنكم شواحطنا (٤) ، فسيروا في الناس فحرّضوهم.
فقام عمرو بن معدي كرب فقال : أيها الناس كونوا أشد حذرا إذا برز إلى أحدكم قرنه فلا يكله إلى غيره ، إن هؤلاء معشر الأعاجم إذا لقي أحدهم قرنه فهو تيس فبينما هو يحرضهم ويرتجز ويقول :
أنا أبو ثور وسيفي ذو النون |
|
أضربهم ضرب غلام مجنون |
يا آل زبيد إنهم تموتون |
إذ جاءته نشابة أصابت قربوسه ، فحمل على صاحبه فأخذه أخذ الجارية ، فوضعه بين الصفين ثم احتز رأسه ، وقال (٥) : اصنعوا هكذا.
قرأت على أبي غالب بن البنّا (٦) ، عن أبي محمّد الجوهري ، قال [أبو](٧) عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو علي بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني بكر بن مسمار ، عن زياد مولى سعد قال : سمعت سعدا يقول : وبلغه أن عمرو بن معدي كرب وقع في الحصر ، وإنه قد وله بعد : لقد كان له موطن صالح ، لقد كان يوم القادسية عظيم الغياش والنكاية للعدو ، فقيل له : قيس بن مكشوح؟ فقال : كان أبذل لنفسه من قيس ، وإن قيسا (٨) لشجاع.
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني ابن أبي سبرة ، عن عبد الملك بن نوفل أن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ (ط بيروت) حوادث سنة ١٤.
(٢) زيادة عن م.
(٣) بالأصل وم : والقيس.
(٤) شواحطنا : الشوحطة : الطويلة من الخيل كما في القاموس ، يريد أنهم طوال.
(٥) الأصل وم : وقالوا.
(٦) أقحم بعدها بالأصل وم : «الحريري» وهو أحمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي الحنبلي ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٦٠٣.
(٧) زيادة لازمة منا للإيضاح.
(٨) الأصل وم : قيس.