عبد الله بن أحمد بن يزيد ، عن عبد الله بن عبد الوهّاب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
بينما عمر بن الخطّاب في مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم في جماعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم يتذاكرون فضائل القرآن إذ قال قائل منهم : خاتمة براءة ، وقال قائل منهم : خاتمة بني إسرائيل ، وقال قائل منهم : كهيعص ، وطه ، وأكثروا ، وفي القوم عمرو بن معدي كرب الزّبيدي في ناحية إذ قال :
يا أمير المؤمنين فأين أنتم عن عجيبة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فو الله إنّ في بسم الله الرّحمن الرحيم لعجيبة من العجب ، فاستوى عمر وكان متكئا فجلس ، وكان يعجبه حديث عمرو فقال له : يا أبا ثور حدّثنا بعجيبة بسم الله الرّحمن الرحيم ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابنا في الجاهلية مجاعة شديدة ، فأقحمت بفرسي البريّة أطلب شيئا ، فو الله ما أصبت إلّا بيض النعام ، وإنّ فرسي لتقمم (١) من غثاء (٢) البرية ، فبينا أنا كذلك إذ رفعت لي خيل وماشية وخيمة ، فأتيت [الخيمة](٣) فإذا بجارية كأحسن البشر ، وإذا بفناء الخيمة شيخ متّكئ ، فقلت لما دخلني من هول الجارية ومن ألم الجوع : استأسر ، ثكلتك أمك ، فقال : يا هذا ، إن أردت القرى فانزل ، وإن أردت معونة أعنّاك ، فقال : استأسر ثكلتك أمك ، فقال لي مثل قوله الأول ، فنهض نهوض شيخ لا يقدر على القيام ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، ثم جذبني إليه ، فإذا أنا تحته وهو فوقي فقال لي : أقتلك أو أخلّي عنك ، فقلت : بل خلّ عني ، فنهض عني وهو يقول :
عرضنا عليك النّزل منا تفضّلا |
|
فلم ترعوي جهلا لفعل الأشائم |
وجئت بعدوان وظلم ودون ما |
|
تمنّيته في البيض حزّ الغلاصم |
فقلت في نفسي : يا عمرو ، أنت فارس العرب للموت أهون من الهرب من هذا الشيخ الضعيف ، فدعتني نفسي إلى معاودته وأنشأت أقول :
رويدك لا تعجل بليث بصارم |
|
سليل المعالي ، هزبري قماقم |
أإن زل عمرو زلّة أعجمية |
|
ولم يك للفرار بحاجم |
طمعت لما منّتك نفسك فسلمن |
|
سقتك المنايا كأسها بالصرائم |
__________________
(١) تقمم : ذهب في الماء وغمر حتى غرق ، وتقمم : تتبع الكناسات والقميم : يبيس البقل. (القاموس).
(٢) غثاء : البالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل ، وغثيت الأرض بالنبات : كثر فيها (القاموس).
(٣) زيادة عن م.