فما لك ، فابذل دون نفسك سلمن |
|
هنالك أو تصبر لحزّ الغلاصم |
فما دون ما تهواه للنّفس مطمع |
|
سوى أحزّ الرأس منك بصارم |
ثم قلت : استأسر ثكلتك أمّك ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، ثم جذبني جذبة مثلت تحته ، فاستوى على صدري ، فقال : أقتلك أم أخلّي عنك؟ فقلت : بل خلّ (١) عني ، فنهض وهو يقول :
ببسم الله والرحمن فزنا |
|
هنالك والرحيم به قهرنا |
وهل يغني جلادة ذي حفاظ |
|
إذا يوما بمعركة نزلنا |
وهل شيء يقوم لذكر ربّي |
|
وقدما بالمسيح هناك عدنا |
سأقسم كلّ ذي جنّ وإنس |
|
إذا يوما يعطله حللنا |
فقلت : استأسر ثكلتك أمك ، فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرّحمن الرحيم ، فملئت منه رعبا يا أمير المؤمنين ، وكما لا تعرف مع اللات والعزى شيئا ، ثم جذبني جذبة ، فضرب بحقّه فقلت : خلّ عني ، فقال : هيهات ـ بعد ثلاث مرار ـ ما أنا بفاعل ، ثم قال : يا جارية ائتني بشفرة ، فأتت بها فجزّ ناصيتي ثم نهض وهو يقول :
مننا على عمرو فعاد لحينه |
|
وتناقشنا فساء بما فعل |
وفي اسم ذي الآلاء عزّ ومنعة |
|
ومحترز لو كان سامعه غفل |
وكنا يا أمير المؤمنين ، إذا جزّوا نواصينا ، استحينا أن نرجع إلى أهلنا حتى تنبت ، فرضيت أن أخدمه حولا ، فلمّا حال عليّ الحول قال لي يا عمرو : إنّي أريد أن تنطلق معي إلى البرية وما بي وجل ، وإنّي لواثق بسم الله الرّحمن الرحيم ، فانطلقت معه حتى أتى واديا فهتف بأهله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فلم يبق طائر في وكره إلّا طار ثم هتف الثانية ، فلم يبق سبع في مربضه إلّا نهض ، ثم هتف الثالثة ، فإذا هو بأسود كالنخلة السّحوق ، وإذا هو لابس شعرا ، فرعبت ، فقال الشيخ : لا ترع يا عمرو ، إذا نحن اصطرعنا فقل : غلبه صاحبي ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : فاصطرعنا فقلت غلبه صاحبي باللات والعزى ، فلطمني لطمة كاد يقلع رأسي ، فقلت له : لست بعائد ، فاصطرعا ، فقلت : غلبه صاحبي ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : فعلاه الشيخ ، فنفخ كما ينفخ الفرس ، وشق بطنه واستخرج منه كهيئة
__________________
(١) الأصل وم : «خلي».