فقام أحدهم فقال : اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان كبيران ، وكنت لا أغتبق حتى أغبقهما ، وإنّي أتيتهما ليلة بغبوقهما ، فقمت على رءوسهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أنبههما من نومهما ، وكرهت أن أنصرف حتى يفيقا ، فلم أزل قائما على رءوسهما حتى نظرا (١) إلى الفجر ، اللهم إن كنت تعلم أنّ ذلك كذلك فأفرج عنا ، فانصدع الجبل حتى نظروا إلى الضوء.
ثم قام الآخر فقال : اللهمّ إن كنت تعلم أنه كانت له ابنة عمّ فكنت أحبها حبا شديدا ، وإنّي سمتها نفسها فقالت : لا ، إلّا بمائة دينار ، فجمعتها لها ، فلمّا أمكنتني من نفسها قالت : لا يحل لك أن تفضّ الخاتم إلّا بحقّه ، فقمت وتركتها ، اللهمّ إن كنت تعلم أنّ ذلك كذلك فأفرج عنّا ، فانفرج الجبل حتى كادوا يخرجون.
ثم قام الآخر فقال : اللهمّ إن كنت تعلم أنه كان لي أجراء كثير ، وكان لا يبيت لأحد منهم عندي أجر ، وإنّ أجيرا منهم ترك عندي أجرة وإنّي زرعته فأخصب ، فاتّخذت منه عبيدا ومالا كثيرا ، فأتى بعد حين ، فقال لي : يا عبد الله أعطني أجري ، قلت : هذا كله أجرك ، قال : يا عبد الله ، لا تتلاعب بي ، قلت : ماب علات بك ، قال : فأخذه كله ولم يترك لي منه قليلا ولا كثيرا ، اللهمّ إن كنت تعلم أن ذلك كذلك فأفرج عنّا ، فانفرج الجبل عنهم فخرجوا» [١٢٧٢].
أخبرناه أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس ، قالا : أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنا محمّد بن مروان بن عبد الملك ، نا هشام بن عمّار ، نا عمرو بن واقد ، نا عمر بن يزيد النصري ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال :
«إنّ ثلاثة دخلوا في مغارة ، فانطبق عليهم الجبل ، فقال بعضهم لبعض : هذا بأعمالكم ، فليقم كل امرئ منكم فليدع الله بخير عمل عمله قط.
فقام أحدهم فقال : اللهم إنّك تعلم أنه كان لي أبوان كبيران ، وكنت لا أغتبق حتى أغبقهما وإنّي أتيتهما ليلة ، فقمت على رءوسهما بغبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أنبههما من نومهما ، وكرهت أن أنصرف حتى يغتبقا ، فلم أزل قائما على رءوسهما حتى
__________________
(١) الأصل وم : نظروا.