وروى فى الحديث الصحيح : «لو لا حداثة قومك بكفر لأنفقت كنز الكعبة فى سبيل الله تعالى».
قال القرطبى (١) من علماء المالكية (رحمهالله تعالى) : «كنز الكعبة المال المجتمع مما يهدى إليها بعد نفقة ما يحتاج الكعبة إليه ، وليس من كنز الكعبة ما تحلى به من الذهب والفضة ؛ لأن حليها حبس عليه لحصرها وقناديلها لا يجوز صرفها فى غيرها». انتهى.
فعلى قول القرطبى يكون كسوتها أيضا حبس عليها لحصرها وقناديلها ، فلا يملكها أحد. انتهى.
وقال الزركشى من علماء الشافعية (رحمهالله تعالى) فى قواعده : «قال ابن عبد الحكم : إن امتنع من بيع كسوة الكعبة ، وأوجب رد من حمل منها شيئا».
وقال ابن الصلاح (٢) : «هى رأى الإمام ، والذى يقتضيه القياس : أن العادة استمرت قديما بابتدال كل سنة ، ويأخذ بنو شيبة تلك العتيقة ، فيتصرفون فيها بالبيع وغيره ، ويقرهم الأئمة على ذلك فى كل ، ولا تردد فى جوازه».
والذى يظهر لى : أن كسوة الكعبة الشريفة إن كانت من قبل السلطان من
__________________
(١) القرطبى : سبقت الإشارة إليه.
(٢) ابن الصلاح ؛ هو : تقى الدين أبو عمرو الشهرزورى ؛ عثمان بن الصلاح عبد الرحمن بن موسى بن أبى النصر الشافعى ، ولد سنة ٥٧٧ ه فى بلد شرخان قرب شهرزور من أعمال إربل ، وغلب عليه لقب أبيه الصلاح عبد الرحمن ، وينسب إلى جده الثالث أبى النصر ، فيقال : النصرى ، وإلى بلده : الشهرزورى الشر خان. له مصنفات عدة منها : كتابه «المقدمة فى علم الحديث» ، شرح صحيح مسلم ، الأحاديث الكلية التى عليها مدار الدين ، الأمالى وغيرها كثير. انظر مقدمة الدكتورة عائشة عد الرحمن فى تحقيقها كتاب مقدمة ابن الصلاح.