وما جهلت طعم العلا |
|
ولكنها تورث العافية |
وقيل فى ذلك أيضا :
بقدر الصعود يكون الهبوط |
|
فإياك والرتب العالية |
وكن فى مقام إذا ما سقطت |
|
تقوم ورجلاك فى عافية |
وطالما رضيت الملوك والسلاطين بحال الفقراء والضعفاء والمساكين شعر :
فى كل بيت كربة ومصيبة |
|
ولعل بيتك إن رأيت أقلها |
فارض بحال فقرك واشكر الله تعالى على خفة ظهرك ، ولا تتعد ، وقف على حدك تجد ذلك ؛ نعمة خفية ساقها الله تعالى إليك ، ورأفة ورحمة أفاضها الله تعالى من خزائن لطفه عليك.
فاعتبر بهذه الكلمات ، وخذ لنفسك حظا وافرا من هذه العطايات.
وذلك أن هارون الرشيد ، من أعقل الخلفاد العباسيين وأكلمهم رأيا وتدبيرا وفطنة وقوة واتساع مملكة ، وكثرة خزائن ، بحيث كان يقول للسحاب : امطرى حيث شئت ، فإن خراج الأرض التى تمطرى فيها يحيى إلى.
ومع ذلك كان أتعبهم خاطرا ، وأسهر فكرا ، وأشغلهم قلبا ، وكان أولاده محمد الأمين من زبيدة بنت أبى جعفر القاسم.
* تقسيم الرشيد مملكته ما بين ولده الأمين والمأمون ، وما وقع :
وكانت زبيدة قد استولت على عقل الرشيد ، تتصرف فيه كيف أرادت ، وكان ولده منها ـ محمد الأمين ـ كثير الترف والدلال ، كثير اللهو واللعب ، ملعوبا على عقله ، لا يصلح للملك ولا يستحق الخلافة.
وولده الثانى من جارية سوداء ، اسمها مراجل ، من جوارى المطبح ، ماتت فى نفاسها ، وهو عبد الله المأمون أتم عقلا وأكمل رأيا ، وأصح تدبيرا وأكثر فضلا ومعرفة ، فيه صلاح لتدبير الملك وأهلية لأن يصير خلفا عن أبيه فى خلافته.