فصل
فى ولاية أبى موسى الهادى بن المهدى بن المنصور العباسى ولد بالرى فى سنة ١٣٧ ، وأمه أم ولد ، تسمى : الخيزران والدة هارون الرشيد ، وكان حين موت والده بجرجان ، وقد عهد له والده بالخلافة فأخذ له البيعة هارون الرشيد لما مات أبوه ، لثمان بقين من الحرم سنة ١٣٩ ، ولم يلى الخلافة قبله أحدا فى مقدار سنة.
وركب خيل البريد من جرجان إلى بغداد ، لما بويع له بالخلافة ، وما ركبها خليفة غيره ، وكان طويل جسيما أبيضا ، بشفته العليا تلقيص ؛ فيكثر لذلك فتح فمه ، ويغفل عن ذلك ؛ فيستمر فمه مفتوحا ، فوكل به أبوه فى صباه خادما كلما رآه مفتوح الفم ، قال له : موسى أطبق ، فينفق على نفسه ، ويضم شفته ؛ فلقبه الناس : موسى أطبق ؛ فعرف بهذا اللقب.
وكان أوصاه أبوه بقتل الزنادقة ، فقتل منهم خلقا كثيرا وكان شجاعا كريما ، يعجبه المدح ، دخل عليه ابن أبى حفصة ، فأنشده قصيدة فى مدحه ، فلما بلغ إلى قوله :
تتشابه يوما بأسه ونواله |
|
فما أحد يدرى لأيهما الفضل |
فقال له الهادى ، قبل أن يتمها : أيهما أحب إليك ، ثلاثون ألفا معجلة ، أو سبعون ألفا مؤجلة؟ فقال : اجعلها لك كلها ، المعجل والمؤجل ، وعجلنا لك بهما ، وأمر له بمائة ألف.
وقد مدحه إبراهيم الموصلى بقصيدة أولها :
سليمى أزمعت بينا |
|
فأين لقاؤنا أين |
فأعطاه سبعمائة ألف.
وكان إكمال المسجد الحرام أول شىء ، أمر به الهادى ، وبادر الموكلون بذلك إلى إتمامه ، وكملوه إلى أن اتصل بعمارة المهدى ؛ وبنوا بعض أساطين الحرم الشريف من جانب باب أم هانئ الحجارة ؛ ثم طليت بالحص.