(فصل فى ذكر بعض مآثر السلطان سليمان وخيراته.
وصدقاته الجارية الحسان فى جميع البلاد سيما بلد الله الحرام)
اعلم أن الخيرات والميراث والمساجد ، والعمارات والمدارس ، والخانقان وأجر العيون ، وبناء القلاع والخانات وغير ذلك من أنواع الخيرات فى كل الجهات التى أنشأها المرحوم السلطان سليمان (رحمهالله تعالى) كثيرة جدا لا يمكن حصرها ، ولا يدخل تحت خطة البنا ذكرها ، ولا يسع هذا الكتاب شرحها وسيرها ، لكنما نذكر مجملا من ذلك ، فما لا يدرك كله لا يترك كله ، ونذكر خيراته فى الحرمين الشريفين ، ونحيل ما عداها إلى السماع ، والمشاهدة رأى العين.
من ذلك الصدقة الروضية ، التى هى الآن مادة حياة أهل الحرمين الشريفين وبها معايشهم ، وقيام أودهم ، وسبب بقائهم ومددهم ، فإنها وإن كانت قديمة متواصلة فى زمن آبائه السلاطين العظام ، وأجداده الملوك الكبار الفخام.
إن المرحوم السلطان سليمان هو الذى ضاعفها وزادها ، وأنماها وكثرها وقررها ، وأضاف إليها من خزائنه الخاصة مبلغا كبيرا ، فهى ولله الحمد كرد فى كل عام بدفتر محفوظ ، وأمين وكاتب ، يقسمه فى الحرم الشريف تجاه بيت الله العظيم المنيف ، وتقرأ الفواتح بالإخلاص ، ويكثر الضجيج من الفقهاء والفقراء والعلماء والصلحاء ، بدوام دولة سلطان الزمان والرحمة والرضوان على آبائه وأجداده من آل عثمان ، ويفرض عليهم حسب الدفتر الشريف السلطانى المرسوم بالشأن الشريف العثمانى فيصرفون ذلك فى قضاء ديونهم ، وإن فضل صرفوها فى حجهم وكساويهم ، وأنفقوها على عيالهم وأولادهم ، ولم يقع الإحسان على هذه الصورة لأحد من السلاطين والخلفاء والملوك وغيرهم على أهل الحرمين الشريفين والصدقات وإن كانت تربى السلاطين وغيرهم ، ولكن ليست بهذا الضبط والاستمرار والوصول فى محلها وتعميم الناس بها للخلفاء العباسيين وغيرهم صدقات كثيرة واسعة إلا أنها كانت ترد مرة فى العمر ، وعند وصول خليفة منهم إلى الحج وما تحققت