بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى جعل المسجد الحرام أمنا ومثابة للناس ، وأمر بتطهير الكعبة ؛ البيت الحرام للطائفين والعاكفين ، وأزال عنها الخوف والبأس ، وقيّض لعمارة حرمه الأمين الأعظم الخلفاء والسلاطين ، وأجلسهم على سرير السعادة أكرم إجلاس.
نحمده على حصول المراد ، ونشكره على الكرامة والإسعاد بهذا الحرم الشريف الذى سواء العاكف فيه والباد.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، البر السلام.
ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، المنزل عليه : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١).
القائل : «من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا فى الجنة» ، أى : دار السلام ، صلى الله عليه ، وعلى آله الكرام وصحبه العظام ؛ نجوم الدين ومصابيح الظلام ما طاف بالبيت العتيق طائف ، واعتكف بعرفات بالمشعر الحرام عاكف.
أما بعد : فلما وفقنى الله تعالى لخدمة العلم الشريف ، وجعلنى من جيران بيته المعظم المنيف ، تشوقت نفسى إلى الاطلاع على علم الآثار ، وتشوفت إلى فن التاريخ وعلم الأخبار ، لاشتماله على حادث الزمان وما أبقاه الدهر من أخبار وقائع الدوران ، وأحوال السلف ما أبقوا من الآثار والأحداث بعد ما ساروا إلى الأجداث ، فإن فى ذلك عبرة لمن اعتبر ، وإيقاظا بحال من مضى
__________________
(١) الاية رقم ١٤٤ من سورة البقرة ، مدنية.