إلى الوزير أبى بن مقلة الكاتب المشهور ، وجلس القاهرة بالله يوم السبت ، وكتب الوزير «ابن مقلة» إلى سائر البلاد ، وعمل يوم الاثنين الديوان ، فجاء العسكر يطلبون منه إنعام الجلوس فارتفعت الأصوات ، فمنعهم الحاجب من الدخول إلى الخليفة فقتلوا الحاجب ، ومالوا إلى دار مؤنس وأخرجوا المقتدر من الحبس وحملوه على أعناقهم إلى دار الخلافة ، فجلس على السرير وأتوا بأخيه محمد القاهر إليه ـ وهو مقهور يبكى ـ ويقول : «الله الله يا أخى فى روحى» ، فاستدناه المقتدر ، وقبل بين عينى أخيه ، وقال له : «لا ذنب لك ، وأنت مغلوب على أمرك ، والله ما ينالك منى ما يكره فطب نسا ، وقوعينا».
ولما زال روعه أوى إليه أخاه وقال : (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١) ، وبذل المقتدر الأموال للجند واسترضاهم ، وثبتت له الخلافة وهذه ثالث مرة والثالثة ثابتة.
* * *
فصل
ومن جملة محاسن المقتدر :
أنه زاد فى المسجد الحرام زيادة «باب إبراهيم» ، وهى الزيادة فى الجانب الغربى من المسجد الحرام ، ويقال لها زيادة «باب إبراهيم» ، وليس المراد به الخليل (عليه وعلى نبينا ، وسائر المرسلين صلاة الله وسلامه» ، بل كان إبراهيم هذا خياطا يجلس عند هذا الباب ، وعمر دهرا فعرف به.
وكان قبل هذه الزيادة باب متصل بباب المسجد الحرام بقرب باب «الحزوة» ويقر به باب ثانى يقال له : باب «بنى جمح» ـ بضم الجيم وفتح الميم بعدها حاء مهملة ـ نسبة لأبى بطن من قريش السمه جمح بن عمرو بن لؤى بن غالب.
__________________
(١) الآية رقم ٦٩ من سورة يوسف ، مكية.