قلت : وأما هذه الكلمات فليس طلاوة كلام سيدنا علىّ رضياللهعنه ولا حلاوته وآثار الوضع عليها ظاهرة ، وكأنهم اخترعوه بعد وقوع الطامة ، وعند حصول هذهي الفتنة العامة وإلا لاشتهر ذلك قبل الوقوع وتناقلته الرواة فى كل مجموع والله أعلم بالسرائر وما تخفيه الأحشاء والضمائر.
* * *
فصل
كان ممن نجا من سيوف هولاكو من بنى العباس :
أبو العباس أحمد ويلقب «المنتصر بن الظاهر الناصر بن المستضئ» بن المستنجد بن المقتفى بالله العباس ، فوصل إلى مصر وافدا على سلطانها ـ إذ ذاك ـ وهو الملك الظاهر سيف الدين بيبرس البندقدارى فى سنة ٦٥٦ ه ، فخرج السلطان بيبرس إلى ملاقاته وأكرمه ، وأثبت نسبه فى موكب عظيم فيه قضاة الشرع الشريف ، وأعانه الظاهر بجيش ، وتوجه إلى بغداد فقتل المستنصر ، ولم ينج منهم إلا القليل ، ولم يتم لهم أمره.
ثم وصل بعد ذلك إلى مصر من بنى العباس : أبو العباس أحمد ، وتلقب ب «الحاكم بأمر الله» بن الرشيد بن المسترشد بن المستظهر بن المقتدر العباسى فأكرمه الملك الظاهر أيضا ، وأثبت نسبه من قضاة الشرع بحضرته وبايعه بالخلافة ، وأجرى عليه نفقة وسكن بمصر وليس له من الأمر شىء ، وإنما اسم الخلافة وأولاده من بعده على هذا المنوال ليس له إلا اسم الخلافة ، ويأتون به إلى السلطان الذين يريدون توليته فيبايعونه ويقولون له : وملك السلطنة ، هكذا كانوا بألقاب الخلفاء واحدا بعد واحد ، فكاتب سلاطين الأقاليم يتبركون به ، ويرسلون إليهم أحيانا يطلبون منهم تفويض السلطنة باللسان ، فيكتبون لهم تقليدا ويعهدون إليه بالسلطنة عهدا ، ويولونه سلطنة الجهة التى يطلبها فيتبرك بهذا التقليد ويقمن.
ولا ينبغى : أن هؤلاء ليس لهم الخلافة ، ولا الصورة! كما كان الخلفاء العباسيين ببغداد المحجور عليهم من جانب أمرائهم صورة الخلافة فقط ،