العجم لقطع مجادرة طاف القزلياس ، رأى ما بقى فى خزائنه لا يفى بتلك المصرف فتاخى لتجتمع فى خزائنه مما يجمع له من خراج الأرض ، وقد لا يفى بالمراد ، ويأبى الله إلا ما أراد، وقيل : ما كل يتمنى المرء يدركه ، تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن ، وظهر فى اثنا ظهره جراحة منعته الراحة ، وحرمت منه الاستراحة وعجت فى علاجه ؛ خداق الأطباق ، تجبر فى دائه ؛ عقول الألباب وعظم الجراح ، وكثر القراح ، واتسع الحرق ، والتهب القزح وكانت توضع الدجاجة فى جرحه ؛ فتذوب بحره ، وشوهدت معاليق أكباده فى جوفه من خلف وراء ظهره ، وأثبت المنية أظفارها فيه ، فما نفعه التمائم والرقاد ، وفداه بالأموال ، والأرواح ، فما قبل الفدا وقيل :
ولو قبل الفدا لكان يفدى |
|
وإن حصل المصاب على النقاد |
ولكن المنون لها عيون |
|
نكد لحاظها فى الانتقاد |
فقل للدهر أنت أحيت فالبس |
|
برغم بينك أثواب الحداد |
فقضى نحبه ولقى ربه ، ومضى سليم بقلب سليم ، قادما على ربه الكريم ، الغفور الرحيم ، وتبوأ مقعدة من سرير الملك نجله الوارث ، السعيد كذلك يؤتى الله الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء وهو الفعال لما يريد.
وكانت وفاته (رحمهالله تعالى) وأسكنه غرف الجنان ، وأنزل عليه شبائب المغفرة والرضوان ، فى سنة ٩٢٦ ه.
* * *
الفصل الثالث
فى بيان ما عمره السلطان سليم فى الحرم الشريف ، وبعض إحسانه إلى أهل الحرمين الشريفين فى أيام سلطنته ، وكان (رحمهالله تعالى) كوالده كثير المحبة لأهل الحرمين الشريفين حسن الالتفات إليهم ، كثير الأحسان والعطف ، وضاعف الصدقة الرومية التى كان يجهزها لهم والده ، ويكرم من قدم عليه منهم أتم إكرام ، ويحسن إليهم أعظم إحسان وإنعام ، فوصلت