وروى : أنه كره إجارتها لأهل الموسم ، ولم يكره للمقيم ، لأنى أهل الموسم لهم ضرورة إلى النزول ، والمقيم لا ضرورة له.
وعن عمر بن الخطاب (رضى الله تعالى عنه) : أنه نهى أن يغلق بمكة باب دون الحاج ، فإنهم ينزلون كلما رأوه فارغا.
وعن عمر بن عبد العزيز فى خلافته إلى أمير مكة : أن لا يدع أهل مكة أن يأخذوا ذلك خفية ومساترة.
وهذا مبنى على أصل ، وهو : أن فتح مكة إن كان عنوة فتكون مقسومة ، ولم يقسمها النبى صلىاللهعليهوسلم ، وأمّرها على ذلك ، فتبقى على ذلك لا تباع ، ولا تكرى ، ومن سبق إلى موضع فهو أولى به ؛ وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك ، والأزرعى رضياللهعنهم ؛ إن كان فتحها صلحا ، فتبقى ديارهم بأيديهم ، ثم يتصبرفون فى أملاكهم كيف شاؤوا سكنا ، وإسكانا ، وبيعا ، وإجارة ، وغير ذلك ؛ وبه قال الإمام الشافعى ، وأحمد (رضى الله تعالى عنهما) ، وطائفة من المجتهدين ، وعلى ذلك عمل الناس قديما وحديثا.
* * *
وأما أسماء مكة المشرفة :
فإنها سميت بها لقلة مائها ، من قولهم : أمتك (١) الفصيل ما فى ضرع أمه ، إذا لم يبق فيها شيئا ، وكذلك تسمى المعطشة ، أو لأنها تنقص الذنوب أو تنقيها.
ومن أسمائها : بكة ، لأنها تبك أعناق الجبابرة ؛ أى تكسرها.
ومنها : العروض ؛ بفتح المهملة ، ولذلك سمى علم عروض الشعر : عروضا ، لأن الخليل بن أحمد (٢) اخترعه بمكة ، فسماه باسمها ، والبلد الأمين ، والقرية ، وأم القرى.
__________________
(١) امتك العظم : مكّة ، امتك الفصيل ما فى بطن أمه : استقصاه بالمعنى. المعجم الوسيط : ٩١٦.
(٢) الخليل بن أحمد ؛ هو : الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدى ، أبو عبد ـ