وكانت هذه الفتنة من أعظم مصائب الإسلام (فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم) ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، واستؤسر المعتصم هو وأولاده وجماعته وأتوابه إلى هولاكو أسيرا ذليلا فقيرا حقيرا.
فسبحان المعز المذل السميع البصير القادر القاهر تعالى شأنه الباهر ، وعلا سلطانه على كل ذى سلطان قاهر.
فاستبقى هولاكو الخليفة أياما إلى أن استصفى أمواله وخزائنه وذخائره ودفائنه ، ثم رمى رقاب أولاده وذويه وأتباعه ومتعلقه ، وأمر أن يوضع الخليفة فى غرارة ويرفس بالأرجل إلى أن يموت ، ففعل به ذلك.
واستشهد (رحمهالله تعالى) فى يوم الأربعاء رابع عشر ليلة خلت من صفر سنة ٦٥٦ ه ، وانقطعت خلافة بنى العباس وهم سبع وثلاثون خليفة أولهم السفاح وآخرهم المستعصم.
وبعده صار المسلمون بلا خليفة ولم ينل ابن العلقم ما أراده من نقل الخلافة إلى من أراد ولم يستفد غير سلامة أهل الحلة من النهب والقتل بمساعدتهم لهم.
فإن مجد الدين محمد بن الحسين بن طاوس الحلى ، وسدير الدين بن يوسف المطهر الحلى أرسلا كتابا إلى هولاكو على يد ابن العلقمى وفيه كلام يروونه عن أمير المؤمنين على بني أبى طالب رضياللهعنه تعالى هذه صورته : «إذا جاءت العصابة التى لا خلاف بها لتحزنن يا أم الظلمة ومسكن الجبابرة وأم البلاء ، يا ويل لك يا بغداد؟ ولدارك العامرة التى لها أجنحة كالهواوين تماتين كما يمات الملح فى الماء.
ويأتى بنو قنطورا ومقدمهم جهورى الصوت لهم وجه كالمحان المطوق وخراطيم كخراطيم الفيلة لم يصل إلى بلدة إلا فتحها ولا براية إلا نكسها».
فلما وصل الكتاب إلى هولاكو أمر أن يترجم له ، فلما قرأه أمر لهم بسهم الأمان ، وسلموا بسبب ذلك من القتل والنهب ، وباء العلقمى بإثمه وإثم من ظلم ، وكان من أهل النار ، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار؟