مواطن وصولها على هذا الوجه الذى ترضاه لأحد غير ملوك آل عثمان خلد الله تعالى ملكهم.
ومنها : صدقة الحب ، وقد تقدم أن المرحوم المقدس السلطان سليم خان الأول ، أول من تصدق بإرسال صدقة الحب إلى أهل الحرميين الشريفين ، عند افتتاح بلاد العرب ، وأخذه لأقاليم مصر والشام وحلب ، واستمرت متواصلة إلى زمن المرحوم السلطان سليمان ، وكان ترسل فى أمار الخاص السلطانى ، فأبرز لها السلطان سليمان قرى بمصر ، واشترى لها من بيت مال المسلمين ، ووقفها وجعل عليها ، وريعها لأهل الحرمين الشريفين ، وكتب بذلك كتاب ووقف.
حكم بصحته قضاة العسكر بالديوان الشريف العالى ، وجعل من ريعها ألفا وخمسمائة أردب لأهل المدينة المنورة ، يجهزها فى كل عام من الناظر المتولوى على ذلك ، ثم ضاعفها وجعل كل عام لأهل مكة المشرفة ثلاثة آلاف أردب ؛ ولأهل المدينة المنورة ألفى أردب.
واستمرت ترد فى كل عام وتوزع على أهل الحرمين حسب دور مقرر بأحكام شريفة ، وتذاكر بأسوية ، وتقريرات من القضاة ونظار الحرم الشريف ، واستقر الحال على ذلك ، واستمر إلى أثناء هذا ، أو إلى ما بعد إن شاء الله تعالى ، وهذا أيضا إحسان جميل ، وخير عظيم صار سببا لمعاش أهل الحرمين الشريفين ، وتقوتهم ، ومادة لحياتهم وتعيشهم وأودهم وقوتهم.
فلو عدموه والعياذ بالله تعالى هلكوا.
والدعاء من صدور قلوبهم مبذول فى المسجد الشريف بدوام دولة سلطان الإسلام ، والترحم على آبائه الكرام وأسلافه العظام ، وهذا إحسان لم يعهد فى زمن السلاطين السابقة ، ولا أيام الخلفاء السابقة ، بل هو مخصوص بسلاطين آل عثمان ؛ إلا ما فعله السلطان قايتباى (رحمهالله تعالى) بعد ما حج بيت الله الحرام ، وزار المدينة المنورة (على صاحبها أفضل الصلاة والسلام).