منبرا منقوشا مكلفا له سبع درجات ، فجعل فى المسجد الحرام أخذ المنبر القديم الذى يخطب عليه بمكة ، ووضع بعرفه ، وذلك فى أول حجات الرشيد ، وقيل : فى سنة من الهجرة ، ووصل إلى مكة المشرفة منبر صغير له ثلاث درجات ، ووضع فى وجه البيت الشريف ، فخطب عليه معاوية بن أبى سفيان ، وهو أول من خطب بمكة.
فكان الخلفاء والولاة بها قبل ذلك يخطبون بها قياما على أقدامهم فى وجه الكعبة والحجر.
قال أبو الوليد الأزرقى : «حدثنى جدى عن عبد الرحمن بن حسن ، عن أبيه ، قال: أول من خطب بمكة على منبر معاوية بن أبى سفيان» ، وساق ما قدمناه فى ذلك ، ثم قال : «وذلك المنبر الذى جاء به معاوية ربما خرب ، وكان يعمر ، ولا يزاد فيه حتى حج الرشيد ، فأتى بمنبر له تسع درجات ، وخطب عليه ، وكان منبر مكة لم يغير إلى أيام الواثق بالله العباسى ، فأراد أن يحج ؛ فأمر أن يعمل له ثلاث منابر ، منبر بمكة ، ومنبر بمنى ، ومنبر بعرفات ، وحج وخطب عليها ، وفرق بالحرمين مالا كثيرا.
وفى أيامنا التى أدركناها من الشباب إلى المشيب ، شاهدنا منابر عملها سلاطين عصرنا ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى.
* * *
فصل
اعلم أن ما يتحققه العاقل ، ولا يذهل عنه إلا الأبله : أن الدنيا دار الأكدار ومحل الهموم والغموم والخسران ، وأن أخف الخلق بلاء دائما الفقراء ، وأعظم الناس تعبا وهما وغما ، هم الملوك والأمراء والكبراء.
ويقال : لكل شبر قامة من الهمّ.
وقيل شعر فى ذلك :
لقد قنعت همتى بالخمول |
|
وصدت عن الرتب العالية |