فهدم الحجاج من جانبها الشامى قدر ستة أذرع وشبرا ، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش ، وكبس أرضها بالحجارة التى فضلت ، ورفع الباب الشرقى ، وسد الباب الغربى ، وترك سائرهم لم يغير شيئا منها.
فهى الآن جوانبها الثلاثة من بناء عبد الله بن الزبير ، والجانب الرابع الثانى بناء الحجاج ، وهو ظاهر أن يتصل على بناء عبد الله بن الزبير ، فلما فرغ الحجاج من ذلك ، وفد عبد الملك بن مروان وحج فى ذلك العام مع الحارث ابن عبد الله بن ربيعة المخزومى ، وهو من ثقاة الرواة ، فقال عبد الملك : ما أظن أن ابنيس الزبير سمع من عائشة ، ما كان يزعم أنه سمع منها فى أمر الكعبة ، فقال الحارث : إنما سمعت ذلك من عائشة رضياللهعنها ، تقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن قومك استقصروا فى بناء الكعبة ، ولو لا حدثان عهد قومك بالكفر ، أعدت فيه ما تركوا ، وأعدته على ما كان عليه فى زمن إبراهيم عليهالسلام ، فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمى لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع».
وقال (عليه الصلاة والسلام) : «وجعلت لها بابان موضوعان على الأرض ، بابا شرقيا يدخل الناس منه ، وبابا غربيا يخرج الناس منه».
فقال عبد الملك بن مروان : أنت سمعتها تقول ذلك ، قال : أنا سمعت هذا منها ، قال : فجعل ينكث الأرض بقضيب فى يده متكئا ساعة طويلة ، ثم قال : وودت والله أنى تركت ابن الزبير ، وما تحمل من ذلك كذا.
ذكر النجم عمر بن فهد ، وقد ذكرنا ذلك جميعه بالاستطراد ، لاشتماله له على الفوائد المهمة ، والحديثق شجون ـ رجعنا إلى ما نحن بصدده ـ وذكر زيادة سيدنا عبد الله بن الزبير فى المسجد الحرام ، وسندنا المتقدم ذكره ؛ متصلا مرفوعا إلى الإمام أبى الوليد محمد بن عبد الله بن محمد الأزرقى قال : «حدثنى جدى ، قال : كان المسجد الحرام محاطا بجدار قصير غير مسقف ، وكان الناس يجلسون حول الكعبة بالغداة والعشى يبيعون ، فإذا قلص الحر قامت المجالس.