وافى مكة ، وهذا شىء لا يتم قبله ، ونزل المهدى دار الندوة وجاءه عبد الله ابن عثمان بن إبراهيم الحجبى ، فى ساعة خالية ، نصف النهار ، فأدخل عليه ، فقال : إن معى شيئا لم يحمل إلى أحد قبلك ؛ فكشف له عن الحجر الذى فيه صورة قدمى خليل الله إبراهيم عليهالسلام ، وهو الذى يزار الآن ، بمقام إبراهيم.
فسّر المهدى ، وقبله ، وتمسح به ، وصب فيه ماء فشربه وأرسله إلى أهله وأولاده ، فتمسحوا به ، وشربوا الماء منه ، ثم احتمله وأعاده إلى مقام إبراهيم ، وأعطاه المهدى جزائر كثيرة ، وأقطعه ضيعا بوادى نخلة ، يقال له ذات القريع ، فباعه بعد ذلك بسبعة آلاف دينار.
وذكر حجبة الكعبة للمهدى : أنه تراكم على الكعبة كسوة كثيرة ، أثقلها ، ويخاف على جدرانها من ثقله ، فأمر بنزعها ، فنزعت حتى بقيت مجردة ووجدنا كسوة هشام من الديباج التخين ، وكسوة من قبله ، عامتها من ثياب اليمن ، فجردت الكعبة منها ، وطلى جدرانها من داخلها وخارجها بالغالية والمسك والعنبر ، وصعد الخدام على سطح الكعبة ، وصاروا يسكبون قوارير المسك المطيبة على جدران الكعبة من الجوانب الأربع وتعلقوا بالبكرات التى يخاط عليها ثياب الكعبة ، وهم يمسحون الطيب على الكعبة ، إلى أن استوعبوها.
ثم كسيت ثلاث كساوى من القباطى والخز والديباج ، وقسم المهدى فى الحرمين الشريفين أموالا عظيمة ، وهى ثلاثون ألف ألف درهم وصل بها معه من العراق.
وثلثمائة ألف دينار وصلت إليه من مصر ، ومائة ألف دينار وصلت إليه من اليمن ، ومائة ألف ثوب ، وخمسين ألف ثوب.
فرق جميع ذلك على أهل الحرمين ، واستدعى قاضى مكة يومئذ ، وهو محمد الأوفص بن محمد بن عبد الرحمن المخزومى وأمره أن يشترى دورا فى أعلا المسجد ، ويهدمها ، ويدخلها فى المسجد الحرام.