تسعة وأربعون ذراعا ونصف ذراع ، وكان ما وراءه مسيل الوادى ، فهذه الزيادة كلها الأولى للمهدى ، وأمر بالأساطين فحملت من مصر ومن الشام ، وحملت إلى قرب جده فى موضع كان فى أيام الجاهلية ساحلا لمكة ، يقال له : الشعبية ؛ فجمعت هناك ، لأن مرساه قريب بخلاف بندر جده ؛ لأن مرساه الذى تقف فيه السفيئة بعيد عن البر.
وصارت أساطين الرخام تحمل منها على العجل إلى مكة ، ويتحاكى العربان إلى الآن بقايا الأساطين الرخام دفنها الريح بالرمل ، والله أعلم بحقيقة ذلك ، وعمل الأساس لتلك الأساطين بحيث حفر لها فى الأرض جدران على شكل الصليب ، أقاموا كل أسطوانة على موضع التقاطيع ، كشف عنه السيل العظيم الواقع فى سنة ٩٣ ه فشاهدنا أساس الأساطين على هذا الوجه ، واستمر عليهم إلى سنة ١٩١ ه.
فحج المهدى من ذلك العام ، وشاهد الكعبة العظيمة ، ليست فى وسط المسجد بل فى جانب منه ، ورأى المسجد قد اتسع من أعلاه وأسفله ، ومن جانبه الشامى.
وضاق من الجانب اليمانى الذى يلى مسيل الوادى ، وكان فى محل المسيل الآن بيوت الناس يسلكون من المسجد فى بطن الوادى ثم يسلكون زقاقا ضيقا ، ثم يصعدون إلى الصفا ، وكان السعى فى موضع المسجد الحرام ، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر العابدى عند حد ركن المسجد اليوم ؛ فهدموا أكثر دار محمد بن عباد بن جعفر العابدى ، وجعلوا المشعر والوادى فيها ، وكان عرض الوادى من الميل الأخضر الملاصق للمئذنة التى فى الركن الشرقى للمسجد إلى الميل الآخر الثانى الملاصق الآن لرباط العباس.
وكان هذا الوادى مستطيلا إلى أسفل المسجد الآن يجرى فيه السيل ملاصقا لجدار المسجد إذ ذاك ، وهو الآن بطن المسجد من الجانب اليمانى.
فلما رأى المهدى تربيع المسجد الحرام ، ليس على الاستواء ، ورأى الكعبة الشريفة فى الجانب اليمانى من المسجد ؛ جمع المهندسين ، وقال لهم : أريدر