أن أزيد فى الجانب اليمانى من المسجد ، لتكون الكعبة فى وسط المسجد ، فقالوا له : ما يمكن ذلك إلا بأن تهدم البيوت التى على حافة المسيل فى مقابلة هذا الجدر اليمانى مني المسجد ، وينقل المسيل إلى تلك البيوت ، ويدخل المسيل فى المسجد ، كما قدمناه.
ومع ذلك كان وادى إبراهيم له سيول عظيمة عارمة وهو واد حدور يخاف إن حولناه من مكانه ، أن لا يثبت أساس البناء فيه على ما يزيد من الاستحكام فتذهب به السيول ، وتعلو السيول فيه ، وتنصب فى المسجد ، ويلزم هدم دور كثيرة ، وتكثر المؤنة ، ولعل ذلك لا يتم.
فقال المهدى : لا بد أن أزيد هذه الزيادة ، ولو أنفقت جميع بيوت الأموال ، وصمم على ذلك ، وعظمت نيته ، واشتدت رغبته ، فصار يلهج به ، فهندس المهندسون ذلك بحضوره ، وربطوا الرماح ، ونصبوها على أسطحة الدور ، من أول الوادى إلى آخره ، وربعوا المسجد وشوهد من فوق الأسطحة ، وطلع المهدى إلى جبل أبى قبيس وشاهد تربيع المسجد ، وشاهد الكعبة فى وسط المسجد ، ورأى ما يهدم من البيوت ، ويجعل مسيلا محلا للسعى ، وشخصوا له تلك الرماح المربوطة من الأسطحة ، ووازنوا ذلك مرة أخرى حتى رضى به ، ثم توجه إلى العراق ، وخلف الأموال الكثيرة لتشترى هذه البيوت والصوف على هذه العمارة العظيمة ، وهذه هى الزيادة الثانية للمهدى فى المسجد الحرام.
وهذا ملخص ما ذكره الأزرقى والفاكهى والحافظ نجم الدين عمر بن فهد فى تواريخهم.
وهاهنا إشكال عظيم ؛ ما رأيت من تعرض له ، وهو أن السعى بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التى أوجبها الله تعالى علينا فى ذلك المحل المخصوص ، ولا يجوز لنا العدول عنه.
ولا تعتبر هذه العبادة إلا فى هذا المكان المخصوص ، الذى سعى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه ، وعلى ما ذكره هؤلاء الثقات ، أدخل المسعى فى المسجد الشريف ، وحول ذلك المسعى إلى دار بن عباد ، كما تقدم.