وتسلطن بعده ـ فى ذلك اليوم ـ حشناشة الإبنايك بلباى ، وهو الملك الظاهر أبو النصر بلباى المؤيد ، وخلع على الأمير تمريغا بالظاهرى بالأبايكة عوضا عن نفسه ، وهو الرابع عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم ، وكان عفيفا عن تدبير الملك وتنفيذ الأمور ، فخلعه الأمراء من السلطنة فى يوم السبت لسبع مضين من جمادى الأول سنة ٨٨٢ ه.
وكانت مدة سلطنته شهرين إلا أربعة أيام ، وتسلطن بعده ـ فى ذلك اليوم ـ عوضه بعد خلعه الملك الظاهر أبو سعيد تمريغا الظاهرى وهو الخامس عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر.
ولكن يقال له : أنه رومى الأصل من مماليك الظاهر جقمق عتقه ورباه صغيرا إلى أن جعله خاصكيا ، ثم دويدار ثانى ، ثم صار فى دولة الملك المنصور «دويدار الكبير» ، ثم أخرج إلى مكة ثم عاد إلى القاهرة فى دولة الظاهر حشقدم ، فصار مقدم ألف ، ثم صار فى دولة الظاهر بلباى أتابك العساكر ثم تسلطن وكان له فضل وصلاح ، وتودد للناس وخان بعض الصنايع بحيث صار يعمل القسى الفائقة بيديه ، ويعمل السهام عملا فائقا فيها ويرمى بها أحسن رمى يفوق غيره فيها مع الفروسية التامة ، ومع ذلك ما صفى له دهره يوما ، ورمى عن كبد قوسه أبعد مرمى ، وما زال به الأمر إلى أن خلعوه ونفوه إلى الأسكندرية.
ولى السلطنة أتابك العساكر ـ يومئذ ـ السلطان الملك الأشرف قايتباى المحمودى الظاهرى فى ظهر يوم الاثنين ، وهو سادس شهر رجب سنة ٨٧٢ ه ، وهو سادس عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر.
مولده ببلاد جرس ـ تقريبا ـ فى بضع وعشرين وثمانمائة ، جلبه الخواجا محمود إلى مضر فنسب إليه واشتراه الأشرف بر سباى ، وعتقه الظاهر جقمق ، وإليه انتسب ، وتنقل فى المراتب إلى أن صار فى دولة الظاهر خشقدم أمير مائة مقدم ألف ، ثم صار فى دولة السلطان «بنباى» رأس نوبة النوبة فى دولة الظاهر تمريغا أتابكار ، وصار بعد خلعه سلطانا بعد تغرر وتمنع ووصلت له البشارة بالسلطنة من عدة أولياء الله تعالى الصالحين قبل أن يلبها.