الخير فى ذلك ، وكلما طال المجلس استأذنت للقيام فيأبى علىّ ويقول : وما أسرع ما مللت حديثنا ونحن نستطيب حديثك.
وكان أول المجلس من صلاة الظهر واستمر إلى العصر ؛ فألبسنى تشريفه وأحسن إلىّ بأثواب صوف ودراهم لها صوره ، وفارقته ودخلت أسطنبول.
وتوفيت والدته السلطانة أم السلاطين الخاصكية بعد دخولى وحضرت جنازتها وما أجرى من الصدقات عليها وكانت هى الطلسم للسلطان بايزيد ، فلما توفيت خلى الشأن بينه وبين أخيه سليم خان ، أدى إلى فتن عظيمة ومحاربات ، قتل فيها نحو خمسين ألف فصاعدا ، ثم لما عجز عن مقاومة والده وأخيه هرب إلى شاه طهماست ؛ ففرح له وأقام ناموسه ، وعجز عن حفظه ، فشرعت طهماست فى المكر والخداع ، وتفريق عسكره والاغترار ؛ لضعف بلاده عن أن تسعهم ؛ ففرقهم ، ثم استولى عليه وحبسه هو وأولاده ، وقتل عسكره واحدا بعد واحد ، واغتنم منهم مالا كثيرا وترددت الرسل بينه وبين السلطان سليمان فى تسليمه لوالده ، قلما تأكد طلبه من طهماست.
ذكر أنه أصرف عليه خزينة مال ، وأنه لا يسلم إلا بأن يعطى له ؛ فسئل عن كيفية ذلك ، فذكر مقدارا عظيما يكون قدر خراج مصر سنة ، فأمر السلطان سليمان بدفع ذلك القدر ؛ فلما تسلمه أحضر السلطان بايزيد وأولاده الأربع ، وكل واحد كالبدر الطالع والنجم الساطع ؛ فخنقوا مع والدهم بادراه الرهق حتى لم يبق فيهم رمق ؛ وأخمدوا أنفاسهم بالأوتاد ، وأطفئوا تلك الأنوار ، رزقوا الشهادة بالاضطرار ، وهم : السلطان أورخان ، والسلطان محمود ، والسلطان عبد الله ، والسلطان عثمان ، وحملت أجسادهم فى توابيت من قزوين إلى سيواس ، ودفنوا فى سيواس ، وأسكن الله الفتنة والوسواس ، وذلك فى سنة ٩٧٠ ه.
وكان للسلطان بايزيد ولد صغير فى بروسا ، فأمر بخنقه فخنق ، والله ـ تعالى ـ يبل مضاجعهم بأقطار أمطار الرحمة والرضوان ، ويعوضهم عن شبار الجنة ، ويروح أرواحهم فى عرف الجنان بالروح والركان ، والحور والولدان والخيرات الحسان.