الحسن البكرى ، نفع الله به وبأسلافه الكرام ، وشيد به إذار شريعة سيد الأنام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ، ومولانا شيخ الإسلام قاضى القضاة ومرجع أهل بلد الله الحرام القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن يعقوب المالكى طيب الله ثراه ، وجعل الفردوس أعلى مأواه ، وناظر الحرم الشريف المكى يومئذ أحمد جلبى المذكور ؛ فحضروا جميعا تجاه البيت الشريف عند مقام إبراهيم عليهالسلام.
وأشير إلى سيدنا ومولانا الشيخ محمد البكرى أن يلقى درسا يتكلم فيه على قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ ، رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(١) فتكلم على جارى عادته بلسان طلق فصيح ولفظ منتظم مليح ؛ أقهر به الحاضرين ، وأدهش به الناظرين ، وأفاد وأجاد وقلد نفائس الدر الأجياد.
فلما انقضى الدرس أخرج الناظر فتوى المفتى للناس ، قرأها مولانا الشيخ الأعظم الشيخ محمد البكرى ، فقال : ومن يخالف هذا من الناس؟! هذا هو عين الصواب ، ومحض الحق.
فأمر مولانا السيد الشريف الشيخ أحمد العمار بالشروع فى العمل ؛ فشرعوا وسكنت الفتنة ولله الحمد.
وكل ذلك كان تدبير المرحوم القاضى تاج الدين المالكى رحمهالله ، وكان له عقل مجسما ورأى صواب محضا ، وله فضل تام وفكر صائب تمام ، توفى إلى رحمة الله تعالى فى سنة ٩٩ ه.
ولما كشف عن تلك الأعواد التى فى السقف الشريف وجدها مكسورة ؛ كما ظنوا ، فأبدلها بأعواد جيدة فى غاية الأحكام والاستقامة ، وأعادوا السقف والسطح كما كان بغاية الإتقان.
ويسطر ذلك فى صحائف مولانا المرحوم السلطان سليمان (عليه الرحمة
__________________
(١) الآية رقم ١٢٧ من سورة البقرة ، مدنية.