الملوك ، وأركبني الحرّاقة (١) ليلة سفري ، يباشر دحرجتها إلى الماء بيده ، إغرابا في الفضل والمساهمة. وحططت بجبل الفتح (٢) وهو يومئذ لصاحب المغرب. ثم خرجت منه إلى غرناطة ، وكتبت إلى السّلطان ابن الأحمر ووزيره ابن الخطيب بشأني. وليلة بتّ بقرب غرناطة على بريد (٣) منها ، لقيني كتاب ابن الخطيب يهنّئني بالقدوم ويؤنسني ، ونصّه :
حللت حلول الغيث بالبلد المحل |
|
على الطائر الميمون والرّحب والسّهل |
يمينا بمن تعنو الوجوه لوجهه |
|
من الشّيخ والطفل المهدّإ (٤) والكهل |
لقد نشأت عندي للقياك غبطة |
|
تنسّي اغتباطي بالشّبيبة والأهل |
وودّي لا يحتاج فيه لشاهد |
|
وتقريري المعلوم ضرب من الجهل |
أقسمت بمن حجّت قريش لبيته ، وقبر صرفت ، أزمّة الأحياء لميته ، (٥) ونور ضربت الأمثال بمشكاته وزيته. (٦) لو خيرت أيها الحبيب الذي زيارته الأمنيّة
__________________
(١) الحراقة : نوع من السفن الصغيرة كان يستعمل للنزهة. انظر السلوك للمقريزي ص ٣٠٦.
(٢) جبل الفتح : هو جبل طارق بن زياد. وهو المسمى اليوم Gibraltar
(٣) البريد : أربعة فراسخ ؛ والفرسخ : اثنا عشر ميلا. انظر تاج العروس ٢ / ٣٩٨.
(٤) هدأت المرأة الصبي : سكنته لينام.
(٥) في القرآن : «إنك ميت وإنهم ميتون» ، فلا معنى لما كتبه الشيخ العطار هنا انظر هامش ص ٤١١ من الجزء السابع من العبر.
(٦) يشير إلى الآية : «الله نور السموات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار».